لا يوجد عاقل يتمنى الحرب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم لقاء العدو»، خصوصاً أن حرب هذا الزمن مدمرة. لكن ما الذي جعل معظم شعوب الخليج هذه المرة تفرح بالحرب على اليمن؟! صحيح أننا كشعوب خليجية «نحاتي» ردة فعل إيران وخلاياها التجسسية بيننا، لكن الشعور الطاغي هو الرغبة في وضع حد لهذا التوجس من إيران، أو ما يسمى «تحجيم البعبع الإيراني». وهذا الشعور لم يأت من فراغ أو تجنياً على إيران، بل تكوّن كردة فعل على السياسة الإيرانية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، والتي اتسمت بالتوسع الميداني على حساب دول المنطقة، مما استفز مشاعر شعوب المنطقة!
كلنا لاحظنا كيف تدخلت إيران بقوة في تغيير ميزان القوى في سوريا، فبعد أن كاد نظام بشار أن يسقط تدخلت فيالق الحرس الثوري وحزب الله (المدعوم من طهران) لتثبيته والحفاظ عليه، مما زاد من معاناة الملايين من الشعب السوري المشرّد والمنكوب. ولعلّ الاجتياح الأخير للأراضي العراقية، وتثبيت واقع جديد وغير مسبوق بنشر صور آيات الله الإيرانية في شوارع بغداد، والتعامل بالتومان الإيراني في البصرة، وإعلان مسؤول إيراني رفيع المستوى أن بغداد أصبحت عاصمة الإمبراطورية الفارسية.. كل ذلك ساهم في شعور أهل الخليج بأن إيران «طالت وتشمخت». فإن أضفنا إلى هذه الأجواء العدوانية من قبل معظم الإيرانيين التصريح الأخير لقاسم سليماني (قائد فيلق القدس) من أن المخطط الإيراني استكمل احتلال اليمن والعراق وسوريا وأن الخطوة المقبلة ستكون الأردن! عند ذلك نعرف مدى الروح العدائية التي خلقتها إيران لها في المنطقة. لذلك، عندما احتلت إيران اليمن من خلال فصيل الحوثيين، لم تعرف كيف تطمئن الفرقاء وتشعرهم بأن هذه حركة تصحيحية وليست انقلاباً على رئيس منتخب، حيث بادرت بالتوسع الميداني في كل اتجاه، وتهديد حركة الملاحة في باب المندب، وكشفت الحركة عن دوافعها الطائفية، حيث بادرت إلى تدمير مساجد السنة، واعتقال ومطاردة رموز التيار اليمني للإصلاح، وقصف جامعة الإيمان، حتى إن الرئيس الشرعي عندما وجد فرصة وهرب إلى عدن لاحقته الميليشيات الحوثية إلى هناك وقصفت قصر الرئاسة! وتناست الحركة، المدعومة من إيران، أن دول الجوار تراقب الوضع الذي وصل إلى مرحلة تهديد أمنها، عندما نشرت قواتها على الحدود الجنوبية في مواجهة الأراضي السعودية!
إذاً، إيران بسياستها هي التي أوجدت هذا الواقع، واستعدت جميع الجيران، ظناً منها أن الاتفاق النووي مع الشيطان الأكبر سيكون بوابة المرور لها للسيطرة على المنطقة! فكانت النتيجة احتقاناً كبيراً لدى شعوب الخليج ضد هذا الواقع المرير والمرفوض، وعندما حانت الفرصة للتنفيس شاهدنا هذا التأييد المطلق من كل مكونات المجتمع الخليجي للعمليات العسكرية ضد الحوثيين باليمن، رغم ما يتوقعونه من ردات فعل عدوانية من قبل إيران ضد المنشآت والمرافق العامة على غرار تفجير المقاهي الشعبية والمنشآت النفطية في الكويت في الثمانينات!
إيران بدأت العدوان على دول الخليج باحتلالها العراق واليمن، وتهديدها المستمر للكويت والسعودية، والبادي أظلم، وهذه الحرب، التي لم نكن نتمناها لولا أن سياسة إيران ألزمتنا فيها، هي في حقيقتها حرب دفاعية عن وجود دول الخليج الذي أصبح مهدداً من قبل الميليشيات الإيرانية التي أصبحت تحيط بنا من كل حدب وصوب!