هناك قول شعبي مصري قديم فحواه: «سكتنا له دخل بحماره» وأصله ان رجلا من العامة اعتاد المرور وهو على حماره بمجلس لكبار أهل القرية واحتراما لهم كان ينزل من على ظهره ويسير أمامهم على قدميه وعندما يبتعد يصعد فوق الحمار، ولأن كبراء القرية كانوا يلقون عليه التحية قبل أن يلقيها هو عليهم، فقد اعتقد خطأ أن تساهلهم هذا ما هو إلا مساواة للرؤوس، فما كان منه إلا أن دخل على مجلسهم بحماره.. فذهبت فعلته مثلا عبر العصور والعهود!
«عاصفة الحزم» التي انطلقت من أرض الجزيرة العربية ما كانت لتبدأ لولا أن ملالي طهران استنفذوا كل مخزون الصبر لدول مجلس التعاون الخليجي الذين «سكتوا» عن أفعالهم في لبنان وسوريا والعراق وحتى في شؤون بلدانهم الداخلية ليصلوا إلى اليمن «ممتطين» ظهر «حماره» الجديد فيها وهو الرئيس اليمني السابق «علي عبدالله صالح» وبقية «الجحوش» الصغيرة من أولاده وأفراد عائلته حتى تتحول جنوب شبه الجزيرة العربية إلى جهنم جديدة تقول هل من مزيد!
قبل حوالي تسعة أشهر كتبت مقالا قلت فيه إن الخطأ القاتل الذي تسبب في هزيمة جيش الرايخ الثالث الألماني النازي ومن ثم انتحار زعيمه الفوهرر«أدولف هتلر» مع عشيقته التي تزوجها قبل ساعتين من موتهما اسمه «الجنرال -ثلج» وهذا الجنرال الأبيض هو ذلك الشتاء الطويل والمرعب الذي فتك بأكثر من مليون جندي ألماني أرادوا ابتلاع الاتحاد السوفياتي.. بأكمله!!«الجنرال ثلج» قاتل مع أهالي مدينة «ستالينغراد» وكل شعوب تلك الامبراطورية العظيمة شل أطراف أصابع جنود هتلر فلم تستطيع الضغط على الزناد وجمًد الوقود في خزانات دباباتهم وآلياتهم وأحرق الصقيع أقدامهم ووجوههم!! كان الجنرال «ثلج”شيوعيا» مع الشيوعيين أكثر من كونه «نازيا» مع النازيين!
قلت قبل حوالي تسعة أشهر أن ملالي طهران وقعوا في خطأ هتلر ذاته حين سال لعابهم على أرض الجزيرة العربية دون أن يعوا أنها «الاتحاد السوفياتي» الجديد الذي ستصيبهم لعنته مثلما أصابت لعنة الجنرال «البارد” زميلهم الراحل هتلر لأن رمال صحراء نجد ليست كرمال صحراء «طبس» وجبال اليمن ليست كجبال «همدان» الذي خرج من مكة وذهب إلى«فارس» لينير ظلامها لكن نار«كسرى» لم تكن لتحرق حبة رمل واحدة مشى عليها خاتم الأنبياء والمرسلين وأهل بيته الطيبين الطاهرين!
امتلأت أمعاء ملالي طهران بأربع عواصم عربية هي بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء لكن لأن الإشارات الموجودة في أدمغتهم والتي تشير إلى الشبع قد تعطلت مثلما تعطلت كل باقي حواسهم تجاه شعوبهم وجيرانهم فقد سارعوا لفتح أفواههم أكثر وأكثر لابتلاع كل جزيرة العرب بما فيها من أمم وشعوب وتاريخ وحضارة ورسل وأنبياء ومقدسات بحثا عن حلم مخبول بالعثور واستعادة «تاج كسرى» وسواريه مطمورا تحت بقايا قبر «سراقة بن مالك» مثلما يحلم اليهود بالبحث عن..هيكل سليمان وعجل السامري!
نفذ الصبر ولم يعد في القوس.. منزع، فكانت «عاصفة الحزم» التي أطارت لب الحمار وراكبه ، فانكسر جدار السكوت بهبوب رياحها العاتية التي أخفت وإلى الأبد صوت..النهيق! وحتى تقبل الرباض نظاما في اليمن تسيطر عليه طهران عليها أن تكون دمشق أو بغداد أو بيروت وهذا عشم إبليس في جنة الرحمن!