قيل ثمانمئة مقاتل، وقيل بل ثمانية آلاف، وتاسعهم جهلهم وفوضويتهم، واختلف الرواة والكذابون… ولوهلة تم تصوير “داعش” وكأن حاملات طائراتها تملأ الأكواخ والكهوف، وأقمارها الصناعية أكثر من ذباب الصيف، وكمبيوتراتها تُخجل مايكروسوفت وسامسونج.
وتذكرت كتاباً قديماً لكاتبين أميركيين اسمه “المتلاعبون بالعقول”، ترجمته مجلة العربي أيام مجدها، شرح فيه الكاتبان كيف يصنع الإعلام من حبة الشعير قنبلة نووية، وكيف يصور القنبلة النووية وردة إكوادورية يحملها العاشق تحت شرفة معشوقته ويلوح بها، وكيف أن من أطلق هذه القنبلة النووية ليس إلا شاباً مقبلاً على الحياة، محباً لها، يهوى القمصان الملونة، التي تكشف الصدر والعنفوان، كتلك التي كان يرتديها الممثل الراحل أحمد رمزي أيام شبابه.
وتتباكى وسائل إعلامنا العربي: “داعش وصلت إلى الشارع المقابل”، “داعش هزمت الجيش العراقي في ثوانٍ”، “الوحدات المقاتلة التابعة للجيش النظامي العراقي تهرب بهلع من أمام مقاتلي داعش”.
من أين أتى هذا الجيش الداعشي الضخم؟ وفي أي حفرة كان يختبئ طوال هذه السنين؟ وكيف تشكل بهذه السرعة وهذه القوة الضاربة؟… أسئلة نبتت فجأة كما نبتت داعش ذاتها.
ولو أعدنا صياغة هذه الأسئلة، لكانت: “ما الذي يريده الإعلام العربي الرسمي من هذا التضخيم والتصوير، أو قل هذا التزوير؟” و”هل يمكن لنا أن نقرأ مواقف الدول العربية من خلال فضائياتها ووسائل إعلامها؟”، الإجابة عن هذا السؤال تحديداً: نعم، هكذا اعتدنا. لذا أتوقع أن تضخ بعض دول الخليج أموالاً في خزينة المالكي، رئيس الوزراء العراقي، سيد الطائفية والإقصاء، والمتسبب في هذه القلاقل.
وبجولة سريعة في مواقع الإنترنت تبين لنا أن داعش ليست إلا لاعباً واحداً في “منتخب” يضم أحد عشر لاعباً، بخلاف لاعبي الاحتياط، وأن اللاعبين العشرة هم من أهل العراق المستضعفين طوال عقد من الزمن، ثاروا في وجه المالكي.