صحيح أن دولة الكويت تكاد “تنفقع” لشدة التخمة المالية، ومع ذلك مشوهبة (لونها أشهب يقطع الخلفة). وصحيح أن مطار هذه الدولة الثرية يستحق الصدقة، بسقفه المهلهل المخلخل، الذي تساقطت أحجاره كأنه أطلال حضارة بادت. وصحيح أن شركة طيرانها هي الأتعس من بين شركات الطيران الخليجية، التي تسيد بعضها الترتيب العالمي.
وصحيح أن أحدث مستشفى عام بُني منذ عهد الدولة الأيوبية. وصحيح أن جدران المستشفيات مصابة بالجدري والحكة. وصحيح أن مواعيد العلاج والفحص تتطلب شهوراً وشهوراً. وصحيح أن صيدليات المستشفيات الرسمية تعاني نقصاً في الدم.
وصحيح أن جامعة الكويت الرسمية اليتيمة بُنيت بعد إنزال النورماندي بأسبوع، وصحيح أنها عجزت عن توفير مواقف كافية لسيارات الطلبة. ورغم أنها الجامعة الوحيدة، التي يُفترض أن تكون مدللة ومرفهة، فإنها لم تتشرف بالانضمام إلى أفضل مئة جامعة، ولا حتى الخمسمئة الأولى، ولا حتى الألف (مركزها 2781 بحسب تعريف الجامعة لنفسها في ويكيبيديا، ولا أدري كم وصل ترتيبها هذا العام)، وصحيح أنها تعجز عن منح شهادة الدكتوراه رغم مضي عصور وعهود على إنشائها.
وصحيح أن مرافق الدولة تزداد كآبة، في حين تزداد أرصدة بعض التجار انتفاخاً بطريقة مهولة. وصحيح أن “ريحة الديمقراطية” تبخرت. وصحيح أن السلطة عجزت عن البناء فقررت الهدم، وسحب جنسيات معارضيها. وصحيح أن الحريات انهارت.
وصحيح أن ملف “البدون” المليء بالظلم أصبح حديث شعوب العالم المحترمة، وأظهرنا بمظهر الشعب الأناني العنصري. وصحيح أن لا شيء يتحرك في هذا البلد إلا بالواسطة. وصحيح أن تجار الأغذية الفاسدة يعيشون في عصرهم الذهبي. وصحيح أن الكويت في فوضى لم يسبق لها مثيل.
صحيح… لكن كل هذا لم “يفشّلنا” أو يفضحنا أمام العالم. الذي فضحنا فقط هو أطفالنا الذين “تقافزوا في نوافير أوروبا”، كما فعل ويفعل أقرانهم الأوروبيون والأميركان.
فشّلونا الأطفال، سامحهم الله… ولا سامح الله “الصيّع من الكويتيين” الذين يستعرضون بسياراتهم في أوروبا، ويتلفون الزرع والضرع.