الدكتور احمد الخطيب كتب يوم الاربعاء الماضي في الطليعة بـ«اننا غير»(اضغط هنا لقراءة المقال). يعني ان الكويت، الدولة والشعب لهما خاصية تختلف عن خواص بقية شعوب ودول المنطقة. وهذا امر في الواقع مفروغ منه. فالكويت رغم صغر مساحتها وقلة سكانها وحداثة نشأتها تبقى دولة اكثر «عراقة» من بقية دول المنطقة. إذ ان اغلب دول المنطقة تشكلت كدول بحدودها ووجودها الحالي، تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية. بينما الكويت ككيان مستقل تعود الى قرون خلت.
هذا بالطبع، بالاضافة الى ان الكويت تميزت كشعب بوجود تسامح وتعايش فريد بين مكوناتها من افراد وجماعات. في ذات الوقت الذي امتد فيه هذا التعايش والتسامح ليحدد علاقة «متكافئة» بين من اختير لتولي قيادة المجتمع الكويتي، وبين المقيمين في هذا المجتمع. وقد تم تقنين كل هذا في النظام السياسي، الذي اختاره الآباء المؤسسون بقيادة المرحوم الشيخ عبدالله السالم، وبكفالة وضمان دستور 1962.
لكن اكتشاف النفط مع الاسف «كبّر روس الشيوخ»، حيث وفر الدخل النفطي موردا خلق للسلطة او القوة السياسية الحاكمة استقلالا شبه تام عن المجتمع ومكوناته، التي كانت في السابق اداة التمويل والدعم للسلطة. ومع هذا فان التقليد والامتداد الحميد للعلاقة الحميمة بين الكويتيين قاطبة، وبين السلطة والناس، تركا لعلاقات التسامح والتعايش فرصة اكبر للتسيد، ووفرا لها بشكل عام حضوراً اكثر في الواقع السياسي الكويتي. لكن التسيد والحضور لم يكونا غالبين او هما الغالبين. إذ ظلا خاضعين للظروف وللعوامل السياسية والاقتصادية ومرتبطين بالطبع بالتحالفات والتغيرات الاجتماعية.
هذه الايام يتنامى تأثير الظروف الخارجية. وتحدد الاضطرابات والتقلبات الاقليمية مع الاسف اتجاه ورياح التطور او التغيير في الكويت. بحيث اصبح السعي الى الغاء التميز الكويتي واضحا، سواء كان هذا السعي مصادفة او نتيجة خيارات مدروسة ومنتقاة، فان الواقع يشير الى اننا على مشارف فقدان «تميزنا»، وتفردنا عن بقية شعوب ودول المنطقة. بمعنى اننا نفقد شيئا فشيئا خاصية التسامح والتعايش. وظاهرة التكافؤ بين الناس وبين الحكم.
لكن الاكثر وضوحا من ذلك هو اننا بدأنا بفقد خواص نظامنا الديموقراطي، المتمثل في الحرية السياسية النسبية التي تمتع بها المواطن الكويتي. حاليا هذه الحرية شبه مقيدة، وهناك حملة استطيع وصفها بالشعواء، تتعرض لها حرية الرأي. ورغم ان هناك الكثير من الملاحقين من جماعة المعارضة، بسبب تماديهم في ممارسة حقهم في التعبير، إلا ان الملاحظ ان هناك عددا موازيا، وربما اكبر، من الملاحقين والمسجوينين بتهمة تهديد علاقات الكويت الخارجية.
اي ان ما يثير القلق هنا هو ان كبت حرية الرأي والتعبير، التي سعى لها البعض منذ زمن، ومحاصرة التميز والتفرد الكويتي، يتم عبر التعذر بالظروف الخارجية وتحت دعاوى مراعاة العلاقات مع دول الجوار. وصدقت يا دكتور احنا غير.. بس هذا كان زمان.