كمواطن عربي من الكويت واحمل شهادة دكتوراة في السياسة اجد نفسي عاجزاً عن تفسير ما يحدث في العراق اليوم بسبب الغاء الدولة وغيابها، فالدولة اي دولة لا تسمح لأي قوات طائفية او قبلية أن تنافسها.
ما يحدث في العراق اليوم هو غياب الامن والامان وانتشار الميليشيات الطائفية التي تمارس الجريمة المنظمة وتنفذ اجندات خارجية وتخطط عملية تقسيم العراق الى مقاطعات طائفية يحارب بعضها البعض حيث اصبحت حالة القتل والتشريد للشعب العراقي حالة عامة واصبح عدد المهجرين في العراق يفوق ال 5 ملايين عراقي .
لقد اعرب السياسيون العراقيون عن رفضهم لما يجري خاصة نواب السنة والقوى اليسارية والليبرالية الرافضة لما يجري من حض وحشد طائفي وعمليات قتل مبرمجة وفقاً لاجندات طائفية واضحة، ولقد عبر عن ذلك السياسي العراقي مقتدى الصدر حيث اعلن عن تجميد «سرايا السلام» ولواء اليوم الموعود الناشطين ضمن قوات الحشد الشعبي الى اجل غير مسمى معترفاً بوجود ما وصفه بالميليشيات الوقحة واعترف بدور هذه الميليشيات في خطف وقتل الشيخ قاسم الجنابي ونجله يوم الجمعة الماضي ودور الميليشيات فيه ، واكد الصدر ان العراق يعاني من ازدياد نفوذ الميليشيات «الوقحة» بسبب الحقبة السابقة في اشارة الى حكومة المالكي السابقة.
السؤال: هل يمكن انتشال العراق من حربه الطائفية؟ وهل تستطيع الحكومة الحالية حكومة عبادي حل الميليشيات ونزع سلاحها وحصر السلاح بيد الدولة وهو مطلب القوى الوطنية العراقية؟ نتصور أنه من الصعب جداً اذا لم يكن من المستحيل سحب سلاح الميليشيات وان هذه الميليشيات تشكلت بمباركة الحكومة الطائفية، فوزارة الداخلية العراقية يديرها وزير هو نفسه احد قادة الميليشيات الطائفية المسلحة (منظمة بدر) يقودها هادي العامري.
ففقدان الثقة بين المكونات العراقية يجعل من الصعب جداً حل المشاكل المتعددة في العراق، وما يجعل الأمر في العراق أكثر تعقيداً هو اعتراف ايران بأنها تزود الميليشيات الشيعية التي تعمل تحت رايتها بقيادة منظمة بدر وعصائب اهل الحق برشاشات ثقيلة، هذه الميليشيات هي المسؤولة عن التطهير العرقي للسنة في مناطق القتال التي تنتشر فيها.. كتب صالح القلاب في الشرق الأوسط الخميس 19 فبراير ان تشكيلات مذهبية وطائفية جديدة دخلت سورية باسم الفاطميين ومعهم حزب الله وفيلق ابو الفضل العباس في اتجاه الحدود الاردنية التي تضم مدنا رئيسية من بينها اربد المدينة الثانية بعد عمان في الاردن والهدف هو تحويل الحدود السورية – الاردنية الى حدود ايرانية – اردنية.
ما العلاج لمشاكل العراق الممزق؟ العلاج اعلنه غلادينوف ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق، حيث القى خطابا رائعا امام مجلس الامن ذكر فيه ان «العلاج يكمن في التطلع الى الوحدة والمصالحة وليس في استذكار سياسات الماضي الفاشل واكد ان داعش يزداد قوة عندما يضعف العراق والعراق يضعف عندما تقسمه السياسات الطائفية وعندما تتقدم الانتماءات السياسية على الولاء للوطن “.. وقال غلادينوف لنكن متفائلين بمستقبل العراق.. حيث قال ” ان تفاؤلي الذي لا يتزعزع تجاه هذا البلد ينبع من الروح التي يتمتع بها العراقيون العاديون اولئك الذين هبوا للدفاع عن بلدهم في صيف العام الماضي، اولئك الذين خرجوا للادلاء بأصواتهم على الرغم من السيارات المفخخة والعمليات الارهابية اولئك الذين لا يهمهم كون احدهم شيعيا او سنيا او مسيحيا او يزيديا او كرديا او عربيا او ينتمي الى مكون آخر انهم الغالبية الساحقة من العراقيين العاديين الذين ليس لديهم بلد اجنبي يفرون اليه او جواز سفر دولة اخرى يركنون اليه.. هؤلاء هم النساء والرجال الذين سيبنون العراق الجديد ومما يمكننا بل يتوجب علينا فعله كمجتمع دولي هو مساعدتهم على النجاح.. علينا دعمهم في بناء الديموقراطية التي من دونها لن يشعر غالبية العراقيين بالامان ولن تصان حقوقهم كبشر.. علينا العمل معهم لتحقيق التوازن بين مكوناتهم المتنوعة داخل البلاد لانه بغياب التوازن سيستمر العنف والتطرف.. علينا مساعدتهم لتحقيق العدالة وليس الانتقام لجرائم الماضي وانتهاكات الحاضر.. واخيرا علينا تقديم الاحترام والكرامة اللذين يستحقهما شعب العراق ” كلمات رائعة من قلب انسان بلغاري يحب العراق.. فهل يلتزم السياسيون العراقيون بنصائحه؟.. الله اعلم.