قضيتان ملحتان في الكويت ولا يمكن إغفال النظر عنهما أو التساهل بشأنهما وللدرجة السيئة التي وصلتا إليها، ففي الكويت الفساد صار بعبعا يلتهم أموال الدولة ومكتسباتها ومؤسساتها ويؤرق كل مواطن لما بلغه من مراحل صار ملموسا ومدركا تدل عليه ممارسات وتبرره أحداث ومجريات وله زعاماته ورموزه السياسية والنيابية والحكومية.
ماذا ننتظر.. وإلى متى سنتفرج ويتم التعامل مع الموضوع بتجاهل غريب؟ فها هي الكويت تحتل المركز ٧٥ بمؤشرات مدركات الفساد حسب التقييم الذي تجريه المنظمة العالمية لمكافحة الفساد، وهي جاءت متراجعة عن مركزها السابق ٢٠ مركزا، بل انها جاءت في ذيل القائمة بين دول الخليج ما يعني أنها الأكثر فسادا خليجيا حسب تلك المؤشرات، وتتمثل مظاهر الفساد التي رصدتها المنظمة المذكورة بما يلي:
– انتشار الرشوة.
– استخدام المال السياسي.
– استغلال السلطة العامة لمصالح شخصية - وغيرها.
– وليس لدينا شك في أن الجهود المبذولة رسميا وبرلمانيا للتصدي للفساد متواضعة وغير مجدية، وهو ما أدى لوصول الكويت الى المرتبة ٧٥ بمؤشرات الفساد والأخيرة خليجيا، وهو إنما يعني أن كلا من الحكومة ومجلس الأمة السابق (مجلس ٢.١٣) يتحملان المسؤولية، ولا يمكن النأي بالمجلس الحالي وهو على المحك والأيام القادمة ستبين مدى سلامة ذلك.
إن حالة الفساد وما بلغته من درجة تستدعي جهودا متكاملة وحقيقية وتغييرا لا يمكن أن يكون عاديا، ولكن هل يمكن الاعتماد على الحكومة والبرلمان في النهوض بذلك؟
إن الإرادة الشعبية لم تُمنح الفرصة والرقابة الجادة ومؤسساتها في سبات عميق، وهو ما يخشى معه بلوغ مرحلة اللاعودة، فهل نرتجي جهودا مخلصة تنقذ البلد قبل فوات الأوان؟
– أما التركيبة السكانية فهي مسألة مستقبل بلد وتحتاج الى حلول متكاملة وعدد من القرارات والتشريعات لمنع ضياع البلد وسيادته، بعد أن صار أهله يشكلون أقلية تمثل ٢٥٪ من السكان، بل هناك جنسيتان (من العمالة المتوسطة والهامشية) تشكلان مع بعضهما عددا يفوق أهل البلد، ما ينذر بكوارث وأزمات متفاقمة ما لم يتم التصدي للأمر بصورة جادة وعملية، خصوصا أنه صار بيد هاتين الجنسيتين التحكم بشؤون التعليم والصحة والمراكز الحساسة والمهن الحرفية والفنية في الدولة قبل القطاع الخاص، بل ان حديث الحكومة عن ارتفاع الباب الأول وهو المرتبات، فانه قول صحيح، لكنه ناقص بأن ٥٠٪ منه يذهب لغير المواطنين، وأن هناك بطالة مقنعة بينهم لأنه لا حاجة لهم إطلاقا.
ان الخدمات العامة الصحية والطرق والمحروقات ودعم السلع والتعليم يستفيد منها غير الكويتي ولا يقدم مقابلا كافيا نظير ذلك، فليس لدينا ضريبة دخل ولا ضريبة القيمة المُضافة، ولا رسوم خدمات فعلية عليهم، بل ان معظم دخلهم بالكويت يحول الى بلدانهم ولا يدخل الدورة الاقتصادية للبلد.
إن وجود تركيبة سكانية مختلة صار مصدرا لقلق مستمر للدولة اجتماعيا وماليا وثقافيا، وكذلك قيميا وأخلاقيا، بل إنه صار مصدرا للمتاجرة بقوت بعض هذه الفئات المغلوبة على أمرها من قبل مجرمي تجار الإقامة والخدم، وزادت مظاهر وأشكال الجريمة، بل ان بعضهم احتل مواقع ومراكز صارت تمثل انتقاصا أكيدا لسيادة الدولة، الأمر الذي يحتاج الى وقفة جادة عملية لا خطبا إنشائية أو جلسة مجلس أمة للتنفيس، فالمشكلة معروفة ومخاطرها مدركة وحلولها سهلة وتحقق للبلد خيرا كثيرا، ونحن بانتظار جلسة الخميس ٢ فبراير.. ولنا عودة للحديث.