طالبنا ـــ وغيرنا ـــ الحكومة بترشيد الإنفاق، وتخفيض رواتب وامتيازات كبار موظفي الدولة، وإلغاء المناقصات غير الضرورية، وإغلاق الهيئات والمؤسسات غير الفعّالة، كهيئة إعادة النظر في القوانين وأسلمتها، التي شاخت سنّاً، وباخت وضعاً. كما كانت لنواب مطالبات بالتشديد على المقيم، والتضييق عليه، وإلزامه بالرسوم والضرائب، وغير ذلك من قيود. هذا، غير المطالبات بتخفيض أو إلغاء دعم السلع عن المواطن، وفرض الضرائب عليه، وزيادة رسوم الجمارك على مئات السلع، والمعاملات، وتجميد رواتب موظفي الدولة، ووقف منح القروض الخارجية، ومعالجة التسيّب في العلاج السياحي، وترشيد الصرف على السفارات، والتقشف في الاحتفالات.
مطالباتنا ومطالبات غيرنا لن ترى النور، ولن تدير الحكومة لها بالاً. وإن فعلت، فسيستغرق الأمر سنوات، وبالتالي نرى أن هناك حلاً أفضل وأسهل بكثير، وسينتج عنه وضع أمني أفضل، بحيث تبقى كل امتيازات المواطن والمقيم كما هي، ولا تحتاج الحكومة لترشيد إنفاقها، ولا لشد أي حزام على أي خصر كان، والحل يكمن في مراجعة التركيبة السكانية، وجعلها خلال عشر سنوات مثلاً 50/50 (أي %50 من السكان مواطنين، تقابلهم النسبة نفسها من المقيمين)، بدلاً من 74/26 الحالية، التي في طريقها إلى أن تصبح أقل من ذلك مع التسارع الحالي في جلب العمالة.
ولكن مقترح تعديل التركيبة السكانية مهما كان صائباً، فإنه سيلقى معارضة من أصحاب المولات، من المواطنين. وسيعارضه أصحاب المجمعات السكنية، من شركات وأفراد. وسيحاربه المواطنون من أصحاب الفيلات المؤجرة على غيرهم. كما ستعارض القرار شركات الأدوية، الكويتية الوطنية، وأصحاب وكالات السيارات، من الكويتيين، ووكلاء كل الأدوات الكهربائية المنزلية. كما سيقاتل أصحاب مكاتب الخدم، من «الوطنيين»، هذا القرار، وسيسقطونه. كما سيجد مقترح تعديل التركيبة معارضة من جهات أخرى؛ كشركات الطيران والملاحة ومئات الجهات «الوطنية» الأخرى! وسيكلف جميع هؤلاء مجموعة من «النواب المناديب» للدفاع عن مصالحهم، وإفشال المقترح. وبالتالي، فإن المسألة ليست في تخفيض النفقات والمصروفات الحكومية أو زيادتها، أو مطالبة المواطن بالترشيد، أو باتباع سياسات مالية سليمة، بل المشكلة تكمن في المواطن نفسه، الذي أفسدته الحكومة، فهو الخصم والحكم.
فالكل يريد معالجة الوضع الخرب، ولكن على حساب غيره. وما زاد الطين بلة غياب أي رؤية حكومية اقتصادية أو سكانية أو سياسية.
إن كل ما يصدر عن بعض النواب من «غوغاء» ضد المقيمين ما هو إلا مزايدات انتخابية. فهؤلاء النواب سيكونون أول الساعين لدى الحكومة لاستثناء «الأجانب» العاملين لديهم من قرار تعديل التركيبة.
إن الحل ليس في تهديد المقيم بالطرد، بل باتباع سياسات إحلال مواطنين مكانهم تدريجياً، عن طريق تغيير مفهوم العمل اليدوي، ورفع نسب القبول في الجامعات، ودفع خريجي «المتوسطة» و«الثانوية» للاتجاه إلى الأعمال اليدوية، والأهم من ذلك وقف «المتنفذين» من المتاجرة بالبشر.