تعتبر شركة محمد حمود الشايع جزءاً من أقدم المجموعات التجارية في الكويت ويرجع تاريخها الى سنة 1890، وبداية قطاع التجزئة في مجموعة الشايع الى سنة 1983 بالاتفاق مع شركة Mothercare. وتوظف شركة الشايع حالياً 47 ألف موظف في العديد من دول الوطن العربي وأوروبا. وقد تكون مجموعة الشايع أكبر شركة للبيع بالتجزئة في العالم من ناحية المساحة التشغيلية وهي 10 ملايين قدم مربعة. ولو أدرجت شركة الشايع في البورصة المحلية، فإنها ستكون أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في الكويت ومن كبرى الشركات العربية. لذلك علينا ان نبحث في الأسباب التي جعلت «الشايع» قصة نجاح كبيرة في دولة صغيرة كالكويت.
البيئة الصعبة
لم تحظَ شركة الشايع بأي دعم حكومي يُذكر. وفي المقابل، تحصل العديد من الشركات المحلية على الدعم الحكومي مثل الأراضي الصناعية أو الوقود أو الكهرباء. وكانت شركة الشايع تؤجر المحال من ملاك المجمعات التجارية الذين يحصلون على الدعم الحكومي ويحققون أرباحاً عالية. وتكلفت مجموعة الشايع مبالغ كبيرة للاستحواذ على مجمع الأفنيوز ولم تحصل على الأرض مجاناً. لذلك استطاعت التحرك باستقلالية كبيرة لفترة طويلة، وتوسعت في الدول الأخرى لعدم حاجتها لأي نوع من الدعم. ولو اعتمدت الشركة على الدعم الحكومي لتحقيق الربح، سيكون من الصعب التوسع في الخارج بسبب تدني الربحية في الأسواق الخارجية.
التوسع الجغرافي
تدخل العديد من الشركات أنشطة متنوعة لتقليل المخاطر، إلا ان شركة الشايع تخصصت في قطاع التجزئة، وهذا القطاع عرضة لتقلبات الأسواق والتذبذب في النمو الاقتصادي لكن استطاعت مجموعة الشايع النمو عبر عدة دورات اقتصادية. وتعرفت المجموعة إلى حاجات المستهلكين عن قرب، واستخدمت المعلومات التي تأتي لها عبر قطاعاتها للاستثمار في منتجات وعلامات تجارية جديدة. ومع الوقت أصبحت قدرة الشركة على الدخول في دول وأسواق متعددة ميزة تنافسية كبيرة. وتغلبت الشركة على البيروقراطيات الحكومية في الدول التي تعمل فيها. لذلك أصبحت قدرة مجموعة الشايع التنفيذية عامل الجذب الأكبر لأي شركة أجنبية.
المنافسة الإقليمية
هناك العديد من وكلاء البيع بالتجزئة في الكويت والخليج. وتعتبر القوانين المحلية لاستخدام وكيل محلي سبباً مباشراً في تأسيس شركات الوكالات المحلية. الا ان هذا السبب غير كاف لتبرير كيفية تفوق مجموعة الشايع على الوكلاء الآخرين في الخليج. وهنا تكمن اهمية وجود منافسين لتشجيع التطور المستمر لأي شركة. وشجعت المنافسة المحلية والاقليمية الشديدة في خلق شركة قوية منذ البداية. وكان آخر تلك المعارك التجارية، المنافسة بين شركتي الحكير والشايع. وطورت شركة الشايع مهارات وسمعة عالمية افضل من منافسيها. وهذا جعلها محط الانظار لأي شركة عالمية تسعى الى التوسع خارج دولتها. بل اصبحت مجموعة الشايع الخيار الاول لأي شركة في العالم تسعى الى التوسع خارج دولتها الام، وهو ما حصل في عقودها مع Cheesecake Factory.
العلاقات الأجنبية
طورت مجموعة الشايع العديد من الشراكات والعلاقات الاجنبية. وهي بيئة خصبة لتعلم افضل الممارسات في التعامل مع الشركات الاجنبية. ومع التواصل والاتصال المستمر، تعلم موظفو المجموعة ومسؤولوها المهارات العالمية. وتطورت لدى قياديي الشركة الخبرات المميزة. وقد يكون بعض موظفيها قادما من الشركات التي لديها اتفاقيات توزيع او فرانشايز مسبقة. وهذا ما جعل شركة الشايع بيئة جاذبة للمهارات والمواهب الاجنبية. ولا تستطيع اي شركة النجاح بشكل عالمي من دون جذب وتشغيل والاحتفاظ بالمواهب العالمية.
التوصية
لا توجد وصفة سحرية لخلق شركة عالمية اخرى في الكويت. ولا يجب على الحكومة تقديم دعومات او تسهيلات لخلق كيانات اقتصادية كبيرة. لكن على الحكومة السماح للشركات المحلية بالعمل بحرية واستقلالية. ولا يجب تقييد الرخصة المحلية وقصرها على اعداد محدودة حتى لا نخلق كيانات ضعيفة تعودت على الربح السهل والسريع. ومن المناسب اطلاق يد وزير التجارة لفتح مجالات التراخيص في جميع الانشطة التجارية من دون قيود. ويجب ايضا تشجيع المنافسة بين تلك الشركات المحلية لضمان البقاء للافضل. وتخلق الشركات المحلية الناجحة فرصا وظيفية في الكويت وخارجها. وتنهض بالاقتصاد المحلي ويكون نجاح تلك الشركات مدخلا للإصلاح الاقتصادي في الكويت.
آخر مقالات الكاتب:
- مجموعة الشايع نموذج نجاح كويتي.. عالمي
- إدارة الأموال العامة وضبط المصروفات
- ملاحظات على إدارة الدين العام
- تطبيق دعم العمالة على جميع الشركات المحلية
- كيف ندمر ٣٠ ألف فرصة عمل؟!
- اقتراحات إضافية لمشروع قانون الإعسار والإفلاس
- كيف نخلق 25 ألف فرصة عمل سنوياً؟
- «من شراك باعك»
- هذه هي تحديات الكويت الاقتصادية
- وقع المحظور الذي حذَّرنا منه