تمثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية أعمدة البيت العربي أو على الأقل ما تبقى من أعمدته، وهما الأساس الذي سيبني العرب عليه ما هدمته الثورات والثورات المضادة.
التحالف السعودي- المصري كان ولا يزال ضرورة استراتيجية عربية لمواجهة التحديات الوجودية التي تهدد الأمن القومي العربي، كخطر التقسيم والتدخل الخارجي والإرهاب وغيره.
لذلك لا يمكننا أن نتصور أن تشوب العلاقات السعودية- المصرية أي شائبة، فالمصالح التي تجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما.
بالنسبة لمصر كان للدور السياسي والاقتصادي والإعلامي السعودي الفضل الكبير في استقرار الحكم في مصر، وعلى سبيل المثال وللتذكير موقف الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز الداعم للجيش المصري في عملية إزاحته لحكم الإخوان ومباركته المبكرة لذلك- المنح والودائع المليارية التي قدمتها السعودية ودورها في استقرار الاقتصاد المصري-، والدعم الإعلامي الذي قدمته قناة العربية للثورة المضادة منذ بدايتها.
أما بالنسبة لأشقائنا في السعودية، فيكفي أن نذكرهم بأن انتشار الدول الفاشلة حول المنطقة يمثل خطرا كبيرا جدا بل هو أم المخاطر جميعها كالإرهاب والتمدد الإيراني والتقسيم ودليل ذلك الانعكاسات الأمنية لفشل العراق وسورية واليمن على النظام الإقليمي العربي والخليجي على الأخص.
بل ان تجربة فشل دولة صغيرة كاليمن نسبة لمصر، أدى إلى تكبد الخليجيين والسعودية تحديدا، أعباء عسكرية وسياسية ومالية كبيرة، فكيف لو تحولت الجمهورية المصرية إلى دولة فاشلة هي الأخرى؟!
ختاما العلاقة بين مصر والسعودية يجب أن يسودها التفاهم أو على الأقل بعض منه، وحتى لو اختلفت الرياض والقاهرة وهو أمر متوقع لكثرة الملفات الساخنة في المنطقة وتعدد الرؤى حولها، فالمهم ألا تتحول الأزمة السياسية الحالية إلى صراع سياسي.
الخلاصة: يجب أن يأخذ المصريون في الاعتبار أن فترة الوفرات المالية في الخليج قد انتهت، وبدأ العجز يدب في ميزانياتها والتقشف في سياساتها المالية، وذلك يحتم تقليص الدعم المالي للمصريين.
ومن جهة أخرى يشكل وقوف مصر على الحياد في الملف السوري مكسبا للخليجيين (لأنه يكشف النظام السوري ويعريه) ومكسبا للمصريين أيضا، لأن لا يخسروا أشقاءهم الخليجيين والشعب السوري وليتفرغوا لحل قضاياهم المحلية الملتهبة.