هل أعطى الاتفاق النفطي الأخير بخفض الانتاج والالتزام به، ومع ارتفاع سعر البرميل الى ما فوق 55 دولارا، قوةً وتماسكا، وأعاد الثقة الى المنظمة ومكانتها في الأسواق النفطية؟ ولولا تدخل روسيا وضغطها على أعضاء «أوبك» لما تم الاتفاق الأخير. وهذا يقودنا الى سؤالنا: هل «أوبك» متماسكة، وتستطيع ان تتفق مستقبلا من دون تدخلات خارجية؟ وما سبب الالتزام الحالي بخفض الانتاج واستعدادها لخفض بكميات أكثر اذا دعت الحاجة؟ وهو أمر ايجابي مريح ويحدث للمرة الأولى في تاريخ المنظمة.
ان السبب في تماسك المنظمة هو اتفاق قطبي منتجي النفط، المملكة العربية السعودية وروسيا في يناير من العام الماضي، بتثبيت الانتاج أو الخفض لتعزيز سعر النفط في الأسواق العالمية، واستقرار سعر البرميل عند معدل مناسب يساعد اقتصادات دولهم بعد الانهيار الحاد وبأكثر من %50 من الدخول اليومية للدول النفطية.
لقد انهارت أسعار النفط بعد القرار السعودي في نوفمبر من 2016 بفك الارتباط وعدم الالتزام بسقف انتاج مثبت، وان كل دولة تنتج حسب امكاناتها الانتاجية، ما ادى الى أدنى سعر للبرميل في شهر يناير الماضي منذ أكثر من 12 عاما. وكان لا بد من الوصول الى حل من خارج المنظمة، لأن الفائض النفطي كان كبيرا، ولا بد من مساهمة دولة منتجة نفطية كبيرة تساعد المملكة العربية السعودية على امتصاص الكم الهائل وفي اسرع وقت. وتلاقت الأهداف وتواجدت الأرضية المشتركة. وجرى الاتفاق المبدئي مشروطا بموافقة جميع دول منظمة أوبك على الاتفاق والالتزام بخفض وتثبيت الانتاج.
ولم تستطع دول «أوبك» الاتفاق، ودخلت في مزايدات، كلها كانت تصب في ان تتحمل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي كامل الخفض، واعطاء كل من العراق وايران حرية الانتاج. وكاد الاجتماع يفشل قبل الانعقاد، ولا بد من دخول طرف آخر خارجي لاعادة الأمور، وكانت المكالمة الهاتفية الروسية الى ايران قبل يوم الانعقاد بــ 24 ساعة. واتفقت المنظمة.
أما المرحلة الحالية، فهي للمراقبة والتمحيص والتفحيص، الا أن جميع المؤشرات تشير الى التزام دول المنظمة بالاتفاق، لكي يواصل البرميل قوته واستقراره في نطاق 55 دولارا للبرميل، ولتواصل «أوبك» مشوارها بثقة، وحتى إشعار آخر.