الجزء الأول: إخوان الخارج
بمناسبة ذكرى التحرير، سأسرد وباختصار شديد موقف جماعة الإخوان المسلمين في داخل الكويت وخارجها من الغزو العراقي الغاشم، وذلك بسبب الافتراء الكبير على الجماعة الذي يخرج لنا كل عام في هذا الوقت من بعض الأقلام التي ملأ الحقد قلبها أو من تلك التي تكرر ما تسمع من دون تحرٍ للحقيقة.
يجب أن نؤكد أن الإخوان المسلمين فكر ومنهج في الدعوة، وأنه بسبب قبول الناس له أصبح فكراً عالمياً له أتباع في كل مكان من العالم، وليس بالضرورة أن كل من يحمل هذا الفكر مرتبط مع الآخرين بتنظيم واحد، بل لكل قطر تنظيمه الخاص به والمستقل عن الآخر ما لم يكن هذا القطر جزءاً من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، بل إن الآلاف من الأفراد يحملون هذا الفكر من دون أي ارتباط تنظيمي.
لقد كانت جماعة الإخوان في الكويت مرتبطة بالتنظيم العالمي إلى 1990/8/2، حيث بدأت بعض فروع التنظيم العالمي بإعلان مواقف صادمة لنا في الكويت من غزو العراق لبلدنا، فاتصلنا بعدد من هذه الفروع، خصوصاً فرع الأردن الذي يعتبر ثاني أكبر فروع التنظيم بعد مصر، ولم يكن موقفهم مرضياً لنا، حيث تحججوا بأنهم يرفضون الغزو، ولكنهم يرفضون أيضاً الاستعانة بالأميركان لتحرير الكويت! وطبعاً لم تكن هذه الحجة مقنعة لنا، فعرضنا الأمر على التنظيم العالمي، وتبين لنا أن الجميع يرفض الغزو، ولكن الأغلبية تشترط عدم الاستعانة بالأميركان مخافة عدم خروجهم من المنطقة مستقبلاً! وقد حاولنا إقناعهم بعجز الدول العربية عن إخراج الطاغية وأن التحالف يتكون من 28 دولة، ولكن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً! عندها قررت الجماعة في الكويت الخروج من التنظيم والانفصال عن هذا الكيان، ولكن الذي لا يمكن تغييره هو الفكر والمنهج في فهم الإسلام وطريقة الدعوة إليه، وبعد التحرير واجتماع الشمل وفي مطلع مارس 1991، تم الإعلان عن تشكيل تنظيم الحركة الدستورية الإسلامية كحركة كويتية مستقلة عن أي تنظيم آخر، وتنتهج منهج الإخوان المسلمين في الدعوة إلى الله تعالى.
ومع هذا كان لبعض الفروع مواقف إيجابية، ولعل أبرزها موقف الإخوان في مصر، حيث أصدروا بياناً نددوا فيه بالغزو وطالبوا صدام بالخروج من دون قيد أو شرط، وأرسلوا بذلك لمؤتمر جدة في أكتوبر 1990، وتلاه د. ناصر الصانع واُعتبر إحدى وثائق المؤتمر، كما لا ننسى موقف الشيخ محفوظ النحناح مسؤول الجماعة في الجزائر الذي ألهب الألوف في خطابه، مندداً بالغزو وبحضور الأخ أحمد السعدون والشيخ أحمد القطان وبقية أعضاء الوفد الشعبي الكويتي، ولعل موقف عبدالفتاح مورو – إخوان تونس – كان مشابهاً لإخوان الجزائر، ويشهد الوفد الشعبي الكويتي الذي زار اليمن والسودان برفض جماعة الإخوان المسلمين الغزو ودعم الكويت في حقها بتحرير أرضها، ولكن هذه الفروع لم تتمكن من حضور اجتماع التنظيم العالمي في حينه للظروف السياسية والأمنية فيها!
وهنا يجب أن نعترف بتقصيرنا إعلامياً مقابل الآلة الإعلامية الضخمة التي استخدمها طاغية بغداد لتبرير جريمته وإضفاء الشرعية على موقفه وتصوير الأميركان على أنهم الغزاة الحقيقيون القادمون لاحتلال منابع النفط، مما أثار مشاعر الملايين من المسلمين في جنوب شرق آسيا والهند وباكستان والتي خرجت في الشوارع منددة بالأميركان وداعمة لصدام كبطل وقف سداً في وجه هذا الغزو الأميركي! ولعلنا نذكر الوفد الإسلامي الذي ذهب لإقناع صدام بالخروج من الكويت، وصوّرته وسائل الإعلام على أنه جاء مؤيداً لصدام ومباركاً له!
أما موقف إخوان الكويت داخل الكويت وخارجها أثناء الغزو، فسأفرد له مقالاً مفصلاً مقبلاً بإذن الله مع ان إنجازاتهم المشرفة لا تكفيها المجلدات! والحمدلله أن شهود تلك المرحلة ما زالوا أحياء!
One thought on “موقف الإخوان من الغزو والتحرير”