مرة أخرى، بالتأكيد لن تكون الأخيرة، تسدد قناة الجزيرة رصاصة إعلامية تصيب قلب الهدف، فتنقلب الدنيا على ظهرها، وتعجز عن العودة إلى وضعها السابق.
الضربة هذه المرة مزدوجة، كما في مسلسلات الكرتون، عندما تمكنت قناة الجزيرة من تسجيل مقطع فيديو، كشفَ فضيحة عصفت ببريطانيا وهزت أوروبا ورجَّت أميركا، إذ تبين أن مسؤولاً كبيراً في السفارة الإسرائيلية في لندن يستخدم عميلة له، تشغل منصباً كبيراً في الحكومة البريطانية، من أجل الإطاحة بوزير بريطاني يرفض سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
هاجت الصحف البريطانية وماجت، على إثر هذه الضربة الإعلامية النووية، وظهر الغضب على وجهها، أو على صفحاتها الأولى، وتطاير الشرر من عيون شقيقاتها، المواقع الإلكترونية البريطانية، وكان أول تداعيات الفضيحة استقالة هذه الموظفة العميلة. أما كبريات الصحف الأميركية فقد فغرت أفواهها ذهولاً، وراحت تتلمس رأسها خوفاً من حدوث مثل هذا الأمر بنسخة أميركية. وفي إسرائيل انشغلت الصحف باللطم على وجهها لهول الفضيحة، التي لن تمر كالسكين في الزبدة.
كل ما يحدث هنا لمجرد نشر ثلاث دقائق ونصف الدقيقة، من أصل مئة وعشرين دقيقة ستنشرها قناة الجزيرة في الأسبوع المقبل. وها نحن، بلهفة العشاق، ننتظر بث هذا الفيلم الوثائقي النووي.
هذا هو الإعلام الفارق، الخارق. وهذه هي المهنية التي يجب أن تتوقف أمامها المؤسسات الإعلامية المنافسة، لتراجع نفسها، وتقيس طولها أمام هامة هذه القناة العملاقة.
قناة الجزيرة شرحت للجميع، بوضوح، مهمة الإعلام وأهميته، لكنها لخبطت مفاهيمنا حول وظيفة القبعة، فبدلاً من ارتدائها على الرؤوس، راح الجميع يرفعون قبعاتهم تبجيلاً لهذه القناة وإعجاباً بها.