خلق الله سبحانه وتعالى البشر مختلفين في أشكالهم وألوانهم واتجاهاتهم ومشاربهم، وفيما يفكرون وفيما يقررون، لم يكن البشر يوما من الأيام على قلب رجل واحد، ولم يكونوا أبدا على قرار واحد متفقين، ولا على شخص واحد أيضا متفقين، وحتى الأفكار سواء كانت نابعة من الدين أو من الفكر الإنساني المتسع شرقا وغربا لم تكن متوافقة، وبما أن هناك اختلافا فقد كانت هناك حروب وقتل وسفك دماء، وحرق للبشر والشجر، وتدمير للأخضر واليابس.
لكن ألا تظنون أن كل تلك الحروب وكل هذا الدمار تتفق وطفولة البشرية المبكرة الرعناء التي كانت تفجر الحروب الضواري من أجل ناقة أو من أجل غضبة حمية؟ ألا ترون أن البشر وفي كل الدول المتحضرة الآن بينهم كتب مكدسة من الاختلافات؟ ولكن وبعد كل هذه الاختلافات الموجودة بين البشر المتحضرين فهم في آخر الأمر يحترمون كينونتهم كبشر وكأعلى المخلوقات شأنا وذكاء.
نعم لا مجال لأن نكون برابرة مع بعضنا، نتدثر برداء الجاهلية والعصبية والتعصب، نعم نحن مختلفون وذوو آراء متعددة ومتشعبة، وخصوصا في وطني، ولكن ألا نريد أنا نثبت لأنفسنا ولو مرة واحدة أننا خير أمة أخرجت للناس كمسلمين، ولن نكون كذلك إلا باحترام بعضنا بعضا، واحترامنا لقانوننا ودستورنا، وتمسكنا بنهضة بلدنا؟
لن نقول للعالم إننا لا نحترم اختلافاتنا، ولن نقول للعالم إننا سننحدر باختلافاتنا إلى هوة الاحتراب والاقتتال، ولن نضيع بلدنا الحبيب الذي حباه الله سبحانه بمقدرات ونعم كثيرة ما أنعم بها على غيرنا، فبدلا من أن نحمده سبحانه وتعالى ونتآلف على هدف واحد هو عزة الكويت والكويتيين أصبحنا نتشاحن ونتخاصم ونتجادل، في مجلس الأمة والإعلام وغيره وغيره.
إخواني الكويتيين الكرام: لا مجال لهذا الهراء، فإذا أردنا أن نكون أمة ذات شأن، فإننا لا نحتاج إلى أموال ولا عتاد ولا سلاح، ولكننا نحتاج إلى أن نكون متحضرين، ومتقبلين لاختلافاتنا، فلو فعلنا ذلك لأصبحنا فعلا في مقدمة الدول قولا واحدا بدون مواربة أو رياء.
أعزائي: إن الحب هو الذي يصنع الأمم ويؤسس الحضارات، وبدونه سنصبح بلا هدف ولا حضارة متمكنة ضاربة في جذور الأرض، فمن ديننا ومن الحكمة البشرية ومن أصالة شعبنا سنتآلف وسنعمل، وسنتفق ولن نتحارب، وسيتقبل كل منا رأي أخيه، وسيختلف كل منا مع أخيه، لكن في نهاية المطاف لا بد أن يعرف أنه أخوه.
ظنكم لكم وحسن نيتي لي ورب البيت كريم.