الخبر جاء في هذه الجريدة بهذه الصورة، في عنوانه الرئيسي “التقشف الحكومي يضرب أبحاث الجامعة”، وفي الخبر التوضيحي “تقليص الميزانية 88%… من 5 ملايين إلى 600 ألف دينار”. ويعلق أحدنا: “علامَ تتباكون يا مايكروسوفت؟”، في سخرية من جدوى أبحاث الجامعة. ويعلق آخر: “أموت واعرف بحثاً واحداً من أبحاث الجامعة”، ويضيف: “هذا النوع من الميزانيات يذهب للتنفيع، فلا أبحاث هنا ولا بطيخ”.
هكذا تأسست “رابطة مشجعي الهبل”، فالحكومة تستهبل في أغلبية قراراتها، والرابطة جاهزة للتشجيع والتصفيق وإطلاق صيحات الإعجاب. ولو كانت الحكومة صادقة في رغبتها بالترشيد وتقليص النفقات، لوجدت مليون باب لذلك، بعيداً عن الأبحاث وكل ما يخص التفكير.
وأجد نفسي أصفق واقفاً لمقترح النائب الدكتور وليد الطبطبائي، الذي طالب بتقليص نفقات سفر المسؤولين، من وزراء ووكلاء ونواب ومَن في حكمهم، وتحويل تذاكر سفرهم من الدرجة الأولى إلى السياحية. وأزيد على اقتراحه، ماذا لو استُبدِلت سيارات الوزراء والوكلاء، المرسيدس وبي أم دبليو وأودي، ذوات السعر المجنون، بسيارات من ذوات السعر “العاقل”، مثل نيسان وفورد والبيجو وما شابه؟ ما الذي سيحدث للوزراء والوكلاء إن تم ذلك؟ هل سينقص قدرهم في أعين المواطنين أم سيزداد احترام الناس لهم وللحكومة من خلفهم؟ ومن أراد منهم استخدام سيارة مجنونة فمن جيبه الخاص لا من جيب البلد.
هذا جزء من الترشيد الذي يرغب فيه الناس، وهناك أمور أخرى وأبواب أخرى، لا حصر لها، يمكن ضغط الإنفاق فيها، مثل “فرق العمل” التي تُستخدم، غالباً، للتنفيع بشكل سافر، وكذلك الأوامر التغييرية في المشاريع الإنشائية التي باتت عنواناً للنهب، وغيرها وغيرها، بعيداً عن الأبحاث والفكر، التي تحتاج إلى زيادة لا نقصان. لكننا في الكويت، ولو حدث العكس، أي لو تم رفع ميزانيات الأبحاث وتقليص نفقات المسؤولين لاستنكر الواحد منا الوضع، ورفع حاجبيه دهشة وحكّ جبهته ذهولاً. وجزى الله حكومتنا، التي وفرت علينا الدهشة والذهول، كل خير.
***
تغمد الله الزميل يحيى عبدالرحيم بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه وزملاءه الصبر والسلوان، “إنا لله وإنا إليه راجعون”.