أسوأ الأساتذة الجامعيين حظاً، هو من قام بالتدريس في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث الأيديولوجيات تلتهب، وحيث تفوح دماء الشبان اليساريين والقوميين، وحيث نجومية عبدالناصر ونهجه، وحيث الصراع العربي الإسرائيلي، ووو…
من كان يستطيع أن يقف في وجه التيار الشبابي الهائج والفكر الشبابي الرائج؟ من كان يستطيع القول حينذاك إن “بلاء العرب من العرب، لا علاقة لإسرائيل ولا أميركا به”؟.
من كان يكذّب وسائل الإعلام الحكومية العربية ويصدّق مكسيم رودنسون، العلامة المستشرق الفرنسي اليهودي الذي يتحدر من أصول روسية، والذي هاجم إسرائيل ودعم العرب، وكتب عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهاجم بعض الأنظمة العربية الخائنة، فاتهمته بدورها بأنه يتصنع التعاطف مع العرب ليخلخل البنيان العربي من الداخل. ثم إنه مريض بالكبر والغرور، تقول وسائل إعلام الخونة العرب، بدليل أنه يجبر طلبة الجامعات التي يحاضر فيها على الوقوف احتراماً له عند دخوله القاعة، ولا يسمح لهم بالجلوس إلا بعد جلوسه هو.
حتى وإن كانوا محقين في هذه، ما علاقة غروره، أو اعتداده الزائد بنفسه، بما يطرحه من آراء؟
على أية حال، حملت تلك السنوات مزودتها وغادرت إلى حيث لا رجعة، ومعها أخذت الحماسة الشبابية الجنونية، أو الموضة العروبية – “الهبة” كما في لهجتنا – ولوحت لنا بيد الوداع. وكذا فعل صاحبنا اليهودي العلامة، الذي سلم العهدة، قبل مغادرته دنيانا، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، لتكشف للناس صدق ما قاله في تلك السنين وتكشف الخونة.
صدقت أيها اليهودي وكذب أولئك المسلمون.