المراقب للوضع الانتخابي والوضع الشعبي العام في الكويت، يخلص الى انه، سياسيا، وضع غريب وعجيب. فكما حددنا قبل أيام، ليس لدينا انتخابات حقيقية، لان فرصة الاختيار والمفاضلة بين المرشحين معدومة. فمرشحونا جميعا معارضون. انا عندي مشكلة في التسوق هنا، في الولايات المتحدة، وأعتقد ان الامر في الكويت ربما اسوأ. فكل البضائع صناعة صينية. وليس هناك بضاعة منها افضل من غيرها، اي انه ليس لدى الشاري اختيار حقيقي، او مفاضلة بين الجيد والرديء، ما سيدوم سنين، وما ستضطر الى استبداله لحظة وصولك البيت.. تماماً مثل مرشحي الكويت. «نمونة واحدة»، كلهم صنع في الصين، أو كلهم صنيعة المجتمع الريعي.. وليس هناك اختلاف حقيقي بينهم.
الاغرب ايضا، ان الناخب الكويتي يتبع، او في واقع الامر هو من يقود مرشحيه في معارضة الحكومة. لانه ببساطة حريص على التمسك بالوضع الريعي القائم. او ما يسمى كذبا وزورا مكاسب شعبية، وكأنه تحصل عليها من «ياجوج وماجوج»، وليس من خيراته هو وممتلكاته هو.
وليس وهذا فحسب، بل انا اجد في هذه الانتخابات ان المعارضة «الشعبية» ان جازت التسمية قد تطورت او اختلفت. فهي اصبحت معارضة كلية، شاملة وجامعة. فالناخب اليوم، كما يعبر عنه رواد ومدمنو الانترنت هو معارض لمجلس الامة وللحكومة ايضا. اي معارض للسلطتين، التشريعية والتنفيذية. لهذا ليس لدينا مرشحون معارضون للحكومة ومرشحون موالون لها. فنحن لدينا مرشحون وحسب.. وان تكون مرشحا في الكويت يعني ان تكون معارضا وناقما وساعيا كما زعم كل المرشحين للاصلاح ولمحاربة الفساد.
ومخطئ من يعتقد ان المعارضة توقفت عند معارضة السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالقضاء او السلطة القضائية هي الاخرى نالها من التشكيك والرفض ما نال بقية السلطات. ولولا القضاء السويسري لظل من اتبع المعارضة المنحلة ومن صدَق -في يوم من الايام- الشيخ احمد الفهد يشكك بالقضاء الكويتي الى اليوم.
عجيب غريب الامر. فالكل معارض، الناخبون قبل المرشحين. بل انا ساتجرأ واعلن ان الحكومة بدورها معارضة. فهي ألغت «مجبرة»، او تخلت عن الاصلاحات الاقتصادية. تماما كما تخلت مجبرة ايضا عن ضرورة تنويع مصادر الدخل، حين ألغت مجبرة ايضا عقد «الداو كيميكال».