مثل بقية كل المواطنين، لدي شكوك حول ماهية ومصير مجلس الامة القادم. فأنا كتبت كثيرا عن غياب البرامج ونقصان الوعي بمشاكلنا وازماتنا المفجعة لدى اغلب المرشحين. وبالتالي غياب الاولويات الضرورية والحلول الحقيقية عنهم. لكن يبقى ان الانتخاب مسؤولية يجب ان تمارس، مقاطعتها المقصودة امر، وعدم ممارستها بدوافع الكسل او نقصان الاهتمام امر مختلف كليا.
من حق وربما حتى من واجب اي مواطن ان يقاطع الانتخابات، ان شعر بان هناك ضرورة لذلك، وان الافضل سياسيا ان يقاطع بدلا من ان يشارك، لذلك فان دعوتي هنا ليست للمواطنين الذين حزموا امرهم وقرروا المقاطعة لاعتراضهم على آلية الانتخاب. فقرار المقاطعة حق لهم وان كنا نفضل الورقة البيضاء من اجل التعرف على المقاطعين الحقيقيين وسبر وزنهم واهميتهم. لكن اعتقد ان من يمتنع عن المشاركة بلا اسباب سياسية او مواقف مصلحية واضحة يرتكب، وهم بالمناسبة الاكثر، خطأ بحق نفسه وبحق الوطن ايضا. لذلك، فان دعوتي هي للمترددين والمشككين باهمية تصويتهم وبدور مجلس الامة.
عندما تمتنع عن التصويت، فان «امتناعك» يجير لمصلحة المقاطع. وهذا ما حدث في الانتخابات الاخيرة، حيث اصر المقاطعون على ان كل الذين امتنعوا عن التصويت هم مقاطعون ومستجيبون لدعوتهم. بينما في الحقيقة، فان جزءا كبيرا كان متخلفا عن التصويت لاسباب ليست لها علاقة بالمقاطعة والمقاطعين. وهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة تتكرر في كل انتخابات، مع دعوة المقاطعة او من دونها.
أيضا فإن الصوت الممتنع يجير لمصلحة من انتخب. فالممتنع ان لم يعلن مقاطعته فانه في الحقيقة يترك مختارا لغيره تقرير مصيره، اي في كل الاحوال فان الممتنع عن التصويت «يصوت» بخياره أو من دون خياره فإن امتناعه يجير دائما لمصلحة من يحسن استغلال هذا الامتناع.
لذلك، ايها الناس، لا خيار لكم الا ان تنتخبوا، وان تحددوا انتم وليس الغير مصيركم ومصير البلد ايضا، انتخب اليوم.. فليس ضروريا ان ينجح من تريد او ان يكون صوتك المؤثر اليوم. لكن انتخب تشجيعا لمن هو على الدرب الصحيح. فان لم يفز اليوم، فان صوتك سيكون دافعا قويا له في ان يستمر. وفي كل الاحوال فإن صوتك محسوب.. فاجعله محسوبا لك لا عليك.