لأول مرة أشعر بالراحة والكثير من المصداقية، وأنا أقرأ بياناً صادراً عن وزارة الداخلية، وهذا أمر لم نعتد عليه كثيراً. وهنا أشير إلى البيان المتعلق بظروف دخول الشيخ خليفة علي الخليفة الصباح للبلاد بطريقة غير مشروعة، حيث ورد في إعلان الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني في الوزارة، أن الأجهزة المختصة قامت يوم 16 – 11 – 2016 بتسجيل قضية دخول خليفة علي العذبي، بطريقة غير صحيحة بعد وصوله إلى المطار وتمكنه، عن طريق الحيلة والتدليس، من دخول البلاد عبر صالة التشريفات بمساعدة شخص من فئة المقيمين بصورة غير قانونية، ويعمل رقيباً بوزارة الدفاع، وأن الإجراءات القانونية اتخذت بحقه، لقيامه بتمكين متهم، مطلوب إلقاء القبض عليه، من قبل السلطات القضائية المختصة، على دخول البلاد خلسة. كما تم أيضاً توقيع عقوبات انضباطية ضد من تقاعس من رجال الأمن بالمطار.
يجب الاعتراف هنا بأن حجم الشفافية في البيان كان عالياً. لكن إذا كان بإمكان شخص «بدون»، وصاحب رتبة متواضعة، ويعمل عسكرياً في الجيش، القيام بمثل هذا التصرف الخطير، فما الذي بإمكان ضابط كويتي كبير، ويعمل في الداخلية وليس في الجيش، القيام به من اختراقات أو ارتكاب جرائم او مخالفات؟!
إن الوضع بالفعل خطير، ويتطلب حلولاً فورية وجذرية. فمن الواضح، من واقع هذه الحادثة الخطيرة ومئات الاختراقات الأخرى المماثلة، هذا غير جبل مخالفات بعض رجال الأمن في أكثر من مرفق، ان الجهاز الذي نعتمد عليه جميعاً في حفظ أمننا الشخصي وأمن وطننا، ربما يحتاج هو لمن يحفظ أمنه. وان المسألة لا تحل بغربلة هذه الإدارة، أو إجراء تدوير للقيادات، ومعاقبة المخالفين، من عسكريين ومدنيين، فالمشكلة أكبر من ذلك بكثير، وتتطلب تدخلاً مباشراً من قمة الهرم في الوزارة، فالأمل مناط بها، وهي اليوم في أوج قوتها، وتستطيع فعل الكثير. ولكن إن تغيرت القمة القوية الحالية، لأي سبب، فإن الأمل في إصلاح هذا المرفق الحيوي المهم سيتأخر كثيراً.
لقد استخدمت شخصياً مطارات أكثر من ستين دولة، في السنوات الخمس الأخيرة، ولم أفاجأ في أي منها، عند مغادرة الطائرة إلى البوابة المؤدية لحرم المطار، بأنها مغلقة، إلا في مطارنا، وحدث ذلك معي أكثر من مرة، ومرات مع غيري! شكوت لأكثر من جهة، كتابة واتصالا، حتى مللت الشكوى، ولا تزال المشكلة، منذ سنوات كما هي، فالتسيب مستمر والأخطاء أو المخالفات الجسيمة تُرتكب ويعاد ارتكابها، ويعاقب من يعاقب، ويعاد ارتكابها بالاسلوب نفسه، وكأن شيئاً لم يكن!
إن أخطاء رجال الداخلية، سندنا في حفظ أمننا، لا ينعكس على الجهاز برمته، بل علينا وعلى سمعة وطننا، والمسألة كما تبدو ليست إهمالا أو تسيبا او خللا إداريا، بل أخطر من كل ذلك، ونرجو أن يتسع صدر معالي وزير الداخلية لكلامنا، فنيتنا صافية، فجميعا، وهو أولنا، نريد وطنا حرا وآمنا، ولا نبتغي من كلامنا غير المصلحة العامة، وهذا لا يمكن تحقيقه بغير الاعتراف بالخلل ومعالجته بحزم وقوة، دون اي اعتبار غير المصلحة العامة.