هل لي بأن أبتعد عن الواقع وآخذك أختي المواطنة أخي المواطن إلى مكان، بعيدا عن القواعد والنظم والتفكير المنطقي والواقعي الذي يؤذينا ويؤلمنا ولا نشعر بالراحة بوجوده؟!.. هل لي أن أحلّق بك لعالم الخيال الرحب الذي نعمل به ما نشاء، فتبدع عقولنا وتتوالى عطاءاتنا وتتحرر ملكاتنا ونحقّق المستحيل الذي عجز الواقع ومؤسساته عن تحقيقه، ليحققه الخيال؟ خيال تعيش فيه الكويت بلا مجلس أمة!
تعال معي في رحلة الخيال، وبدايتي أقول إنه على الرغم من شدة الإحباط والفشل المستمر اللذين يشهدهما البلد منذ عقود، إلا أنه لم يحدث حتى الآن ما يصلح الحال، فكلما تجدد الأمل لدينا بقدوم مجلس أفضل يصلح ويغير أحوالنا جاءتنا الانتخابات بمجلس أسوأ إنجازاته إنشاء وصراخ ومعارك وهمية وبعض أعضائه يحسنون دغدغة المشاعر والخطب الرنانة والقفز السياسي وبيع الوعود وانحراف ممارستهم وتكسبهم وهدم المكتسبات وهدر الحقوق وتعميق الفساد السياسي. وكلما كان لنا رجاء بأن تأتي حكومة أفضل من سابقتها تدرك اختصاصها وتملك قرارها وتتماسك فريقا واحدا، وتلتقى على فكرة ــ إن لم يكن برنامجاً ــ بل وتنجز قضية، إن لم تحل مشاكل البلد، وتجرؤ على اتخاذ قرار لمصلحة الوطن بدلا من تعطيله أو تأجيله أو إلغائه.
فلم يعد مأمولا في ظل المعطيات الواقعية واستشراء الفساد في البلد وسوء النظام الانتخابي والتنكر للوطن واعتباره غنيمة يتقاسمها بعض أعضاء مجلس الأمة والحكومة والمتنفذون وبعد أن تخلت الحكومة عن مسؤولياتها وصارت تعيش رهبة الخوف الذي يمنعها من اتخاذ قرار واحد مفصلي لمصلحة البلد وأمام مجلس للأمة مزاجه في الغالب التهويش، ومتعته إيقاف حال البلد ومشاريعه. وأمام تعطل البلد وتراجعه في كل المجالات وصيرورته مستباحة لنهب اللصوص وضعاف النفوس، وتعاظم شعور أبناء الوطن بالإحباط واليأس بين من يدعو الى المقاطعة وبين من يدعو الى اعتزال السياسة، وبين هؤلاء وهؤلاء كم هائل من المحتارين والمحبطين الذين يئسوا من أن يحدثوا التغيير، أمام هذا المشهد السياسي تعالوا نتخيل جميعا لو اختار الناس كلهم مقاطعة الانتخابات أو تحمّسوا ليكتب كل منهم في ورقة الاقتراع كلمتين هما «لا لمجلس الأمة»، وتبين من نتيجة الفرز أن %85 من الناخبين قد صوّتوا لقرار «لا لمجلس الأمة» وانتهت الانتخابات من دون أن يتم انتخاب مجلس للأمة، لأن الناخبين لم ينتخبوا أحداً لمعرفتهم المسبقة أن معظم أعضاء مجالس الأمة ممثلون عليهم، وليسوا ممثلين لهم، فإذا تخيّلنا معا حدوث ذلك، وفاز الناخبون وفاز الوطن بقرار «لا لمجلس الأمة» فهو يعني أننا سنكون «كويت بلا مجلس» ومن ثم «كويت بلا حكومة»! فما هي النتيجة التي يمكن أن تترتب على ذلك؟ كيف ستكون أحوال البلد؟ وما أحوال الناس؟ وكيف ستسير الأمور؟ وما المتوقّع أن يحدث من تغيير؟ هل ستصبح أحوالنا أفضل، هل سيكون للناس هيبة وإرادة بعد أن ضيعت آمالهم الحكومات، وصارت بعض مؤسسات الدولة مرتعا للفساد؟ هل نتوقع أن يهرب الفاسدون من البلد، خوفا من أن يلتفت إليهم الناخبون الذين أسقطوا مجلس الأمة من الوجود فيقتلعونهم من البلد اقتلاعا كاملاً؟!
ما أجمل أن يعيش الإنسان خيالاً خصباً وتفكيراً حرّاً ويشحذ همم أبناء وطنه للقيام بعمل غير مألوف!.. فهل لنا أن نعيش حال الكويت بلا مجلس أمة؟! هل يمكن أن يكون ذلك نقطة تحوّل للبلد؟.. سؤال أطرحه على الناخبين!