انتشار وثائق التعهد في هذه الانتخابات يؤكد ما رددناه في المقالات السابقة، وهو ان مرشحينا، او مرشحي مجلس الامة حتى نكون دقيقين، لا يملكون رؤية، وليس لدى احدهم تصور واضح ومحدد للقضايا التي تعني المواطن، وسبل تعزيز او تجاوز هذه القضايا ان تطلبت المصلحة العامة ذلك.
لهذا يتسابق مرشحو مجلس الامة على اختلاق وثائق التعهد، يشغلون الناس وانفسهم بها، وكأنها هي التي ستحدد مصير الامة وترسم خطوات التطوير والاصلاح المطلوب، تعهدات تثير الضحك، وتعهدات تجعلك تشفق على من يدور بها لسذاجتها او لسخافتها وانعدام اهميتها، والملاحظ هنا ان التعهدات التي وصلت الينا هذه الايام كلها مخالف للدستور ومعاد للنظام الديموقراطي، ولا يتفق وقواعد الحكم الدستوري في الكويت.
اسخف هذه التعهدات التعهد بعدم التصويت للرئيس السابق مرزوق الغانم في حال ترشحه لرئاسة مجلس الامة، يُطرح هذا التعهد على انه قضية الساعة، وان مصير الامة مرتبط باختيار رئيس مجلس الامة، وليس بالخمسين ممثلا للشعب الكويتي، ليس مهماً من، من المرشحين، سينجح، وليس من المفروض ان يعنى الناس بمناهجهم وبرامجهم ونواياهم تجاه القضايا العامة. كل ذلك ليس مهماً.. المهم ألا يتمكن مرزوق الغانم من رئاسة المجلس المقبل. اذا عندكم هذا التصميم وهذه القوة وهذا القبول الشعبي الذي تلوحون به، فلماذا لا تسقطون الغانم في الانتخابات، اسهل واكثر فعالية، على الاقل اذا فشل ذلك يصبح التعويل على اسقاطه في معركة الرئاسة خيارا مفتوحا!
سذاجة وغباء واستهتار بعقول البشر، ليس هذا وحسب، ولكنه استهتار ايضا بالنظام الديموقراطي وبالاصول الدستورية المتعارف عليها، فمعركة رئاسة مجلس الامة لا تحسم خارجه، وليست من شأن احد غير الخمسين نائبا ممن سيتشرفون بتمثيل الامة. وبالتالي اختيار رئيس مجلس هذه الامة. هذا يعني ــ ان كان اصحاب التعهد يعون شيئا او يفقهون قليلا في الدستور وفي العمل السياسي ــ يعني انه لا الناخب ولا المرشح، الذي يتعهد بعدم التصويت للسيد الغانم، يملك اي منهما صوتا يقرر به مصير السيد الغانم او غيره لرئاسة المجلس. بالكويتي.. انتو نجحوا الاول.. وبعدين يصير خير.