نحن المفروض اننا نعيش في مجتمع ديموقراطي. كفل دستوره حرية الرأي والتعبير. وقبل الدستور المبادئ الديموقراطية تقر، بل هي في حقيقتها، تفرض حرية الاختلاف وحرية التعدد والاختيار.
لا ديموقراطية بلا حرية تعبير، ولا ديموقراطية من دون التعددية وحق الاختلاف.
شطب المرشح عبدالحميد دشتي مناف للاصول الديموقراطية ومتعارض مع حرية الراي والتعبير. منع مرشح من خوض الانتخابات لانه عبر عن رأيه -أيا كان رأيه- يعني ان هناك من يسعى مسبقا الى فرض وجهة نظره او معتقده او حتى سياسته على الغير. واذا ما جاز لنا ان نتصور بان الرأي الممنوع او الشخص المحجور عليه محق في رايه ويمثل مصلحة الامة، فان هذا يعني اننا حجرنا على الناس جميعا. ليس في امكان اي طرف ان يدعي بانه الافضل او انه الذي على حق في المجتمع الديموقراطي. ان راي الاغلبية يسود، لكنه لا يلغي الاقلية او «يشطب» وجودها او حتى رايها.
المرشح عبدالحميد دشتي مشطوب حسب الادعاء، لانه مدان بقضية رأي. كيف يشطب مرشح في مجتمع ديموقراطي لانه عبر عن رأيه؟ هل هذه رسالة الى بقية المرشحين بان «يلادخوا» وان يقرُوا لـ «السلطات» بما يتفق ومصالحها واحلامها، سواء في تحقيق المصلحة العامة او في الاخلال بحقوق الناس ومكاسبهم المادية والسياسية؟ من حق اي مواطن ان يعبر عن رأيه. وعندما يكون المواطن المعني ذا اهتمام سياسي وراي عام، فان سماعه مصلحة وطنية إضافة اصلا الى انه حق مشروع له كفرد يتمتع بحماية الدستور وصونه لحقوقه.
قلناها مرارا وتكرارا.. لدينا هجمات مقننة ومثابرة لتقصّد حرية الراي ومحاصرة الفكر والتعددية والاختلاف. منشؤها بالاساس الايمان بالفكر الواحد والعقيدة السليمة الواحدة وركيزتها جميع قوى التخلف سواء التي مع النظام او تلك التي ضده. وهي المهيمنة اصلا على تشكيل فكر وعقيدة وحتى اتجاه معظم الناس.. سواء في البيت عبر الاعلام او في المدرسة بمناهج التخلف او بقوة القانون عندما يشذ اي طرف او احد عن الوصاية الرجعية.
مع الاسف، شطب عبدالحميد دشتي نهائي وقضائي. لهذا لا يمكننا الا الخضوع له.. لكن مناشدة كل القوى الديموقراطية والمؤمنة بحرية الراي والتعددية والاختلاف الى العمل بهمة على رفع المحظورات، واباحة حرية الراي بلا قيود او شروط او حتى ضوابط.