بعد تردد دام سنوات، قررت الاستجابة بسرور، لرغبات الكثير من الأحبة، القراء والقارئات، وكتابة شيء من ذكرياتي، ووضعها ضمن دفتي كتاب مع مجموعة مما نشر من مقالاتي!
كنت أعتقد أن المسألة سهلة نسبيا، ولن تعدو الجلوس وكتابة ما يخطر على بالي من افكار وذكريات، ثم مراجعة ارشيف القبس، واختيار عدد من المقالات، وقصها من الموقع ولصقها، وإضافتها إلى الذكريات ليصبح بين يدي كتاب كامل. ولكني كنت على خطأ. فقد وجدت نفسي على مدى عدة اشهر غارقا في بحر من آلاف المقالات، التي نبتت لها فجأة، عيون وأفواه، تطالعني وتطالبني بعدم تجاهلها وتضمينها كتابي القادم! والحقيقة ان المهمة لم تكن سهلة، فغالبية ما سبق ان كتبت كان صدى لتجاربي في الحياة، أكثر من كونه مقالات نقد سياسية أو هجوم على الحكومة، أو عدم رضا عن أداء وزير، أو حديث عن هفوة هنا أو خطأ هناك. وبالتالي كانت مهمة الحذف صعبة، وهذا تطلب جهدا أكبر ووقتا أكثر مما كنت اعتقد، وبالتالي اضطررت، بعد أن تعبت، الى حصر ما سأنشر من مقالات في الفترة من يناير 1990 ولخمس عشرة سنة تالية، وهذا تطلب التركيز على قراءة، وإعادة قراءة، أكثر من 3500 مقال، واختيار ما نسبته %10 منها فقط للنشر، وتأجيل نشر البقية.
وفي أول عملية اختيار، بعد مراجعة مطولة، تبين لي أن حجم الكتاب سيزيد على الألف صفحة بكثير، وهذا غير مقبول طبعا، وهنا بدأت عملية أكثر إرهاقا، تمثلت في ما يجب التخلص منه، لجعل حجم الكتاب مقبولا. فكل عملية شطب تصبح اكثر صعوبة من التي سبقتها، وبالتالي كان الوصول للحجم المناسب للكتاب مرهقا، وهذا ما لم احسب حسابه، ولكن الأمر انتهى على خير أخيرا، وسيرى الكتاب النور في معرض الكتاب، الذي سيقام غدا على أرض المعارض بمشرف.
بسبب طبيعتنا البشرية في عدم إعطاء اي أمر مجاني احتراما أو أهمية تذكر، فالدواء المجاني لا يستخدم بطريقة مناسبة، والكهرباء والماء المجانيان لا يثير سوء استخدامهما حفيظة الكثيرين، فقد قررت بالتالي الامتناع عن توزيع الكتاب مجانا، خصوصا أن جزءا من ريعه سيتم التبرع به مناصفة لمبرة رقية عبدالوهاب القطامي لمرضى السرطان، ولبيت عبدالله. وهنا لا اتكلم عن مبالغ طائلة، ولكن النية هي المهمة هنا.
وبالتالي سأتواجد مساء يوم غد الأربعاء في أرض المعارض، جناح «دار ذات السلاسل»، من الساعة الخامسة حتى الثامنة، لتوقيع نسخ الكتاب، وأتمنى التجاوب مع هذه الدعوة.