قام عدد من النشطاء السياسيين، ومن أصحاب الضمير الحي، ببث وإرسال نصوص صوتية وتغريدات تحذر المواطنين من بيع اصواتهم، وان من يدفع لهم اليوم الف دينار سيقبض من المال العام، أي من مال المرتشي ومال أبنائه، في حال اصبح نائبا، اضعاف أضعاف ما دفع من رشوة. كما حثت رسائل صوتية وتويترية البعض الآخر على قبول الرشوة، ومن ثم عدم التصويت للراشي، وهذا أمر لا نحبذه حتما!
لا شك ان عدد من ستصلهم هذه الرسائل التحذيرية والتوعوية عادة، محدود جدا، ولا يتجاوز في أحسن الأحوال المئات، أو اكثر قليلا، كما لا يعني أن من وصلتهم سيعملون بها. وبالتالي تبقى هذه الرسائل، علىالرغم من أهميتها التوعوية، محدودة الأثر.
مهم جدا التحذير، عبر مختلف الطرق، من الظواهر السلبية السياسية في المجتمع كبيع الأصوات، والانتخابات الفرعية، ونقل الأصوات، غير الأخلاقي، من منطقة سكنية لأخرى. ولكنها تبقى غير فعالة. فمثل هذا العمل التوعوي يتطلب تضافر جهود جهات عدة وعلى رأسها الحكومة للقضاء عليها أو على الأقل الحد منها. فمن دون إيمان «حكومي» بضرر مثل هذه الأساليب السياسية، غير الأخلاقية، ومكافحتها من خلال جهود إعلامية مكثفة، ونشر الوعي السياسي وتعريف المواطن بحقوقه وواجباته، وما تجلبه الرشوة من خراب أخلاقي كبير، فإن هذه الظواهر ستستمر، حتى لو ارسلنا مليون رسالة تويتر.
لقد تجاوزت التجربة الديموقراطية في الكويت نصف قرن، ولكن تبقى الديموقراطية لغزا لقطاع كبير من المواطنين، والسبب أن «الحكومة الرشيدة» لا تعتقد بجدية التجربة، وبالتالي لم تولها ما تستحق من أهمية، لا في وسائل إعلامها ولا في مناهج مدارسها، وبالتالي زاد الموقف الشعبي السلبي منها، خاصة مع غياب تدريس مادة الأخلاق في المدارس الحكومية وغيرها. وتصبح المسألة اكثر مدعاة للغموض والحيرة عندما تقوم الحكومة، غالبا، باستخدام براشوتاتها، في تعيين صغار السن وعديمي الخبرة، من خارج الملاك، في مناصب قيادية رفيعة، إرضاء لبعض النواب، وكان آخرها تعيين ابن أحد النواب السابقين في منصب مدير إدارة في مؤسسة بالغة الأهمية. كما أن ما يُدفع من أموال نقدية، وما يبدى من كرم في توزيع الهبات والمنح والامتيازات والأراضي ارضاء لبعض النواب، كما رأينا في فضيحة العلاج في الخارج، التي بلغت كلفتها أكثر من مليارين ونصف المليار دولار، خير دليل! ولكن ما العمل، وفي الفم ماء كثير؟