أعتقد أن صورة مبنى «أوبرا الكويت»، ستزيح قريباً صورة «أبراج الكويت» من صدارة المعالم السياحية للكويت، ليس فقط لما يعنيه هذا الصرح من أهمية، مقارنة بأبراج مياه صماء، بل أيضا لما للأوبرا من معانٍ ثقافية لا تحصى، ولروعة المبنى الفريد في هندسته وأغراضه المتعددة، ولما سيشكله وجود مركز «جابر الأحمد الثقافي» من أهمية سياسية واجتماعية، إضافة الى ما حققه افتتاحه من نقلة نوعية في المزاج العام، الذي تعب، بعد أن أرهقته السياسات السابقة التي كانت تحابي قوى التزمّت والغلو.
إن 31 أكتوبر 2016 سيبقى يوماً مشهوداً في التاريخ السياسي والثقافي في الكويت، وعلامة عودة الوعي للكثيرين، وعودة الوطن لطريق النهضة والتطور والتنوير.
ما نتمناه على الجهة المشرفة على المشروع أن تتعامل مع هذا الصرح بالمقاييس العالمية، وليس بمقاييس «عاداتنا وتقاليدنا». فعندما يحضر للكويت جراح عالمي لإجراء عمليات دقيقة وخطيرة، فإننا لا نضع له ضوابط في كيفية قيامه بعمله، وبالتالي يجب أن نقبل مشروع الأوبرا كـPackage أو حزمة متكاملة، تخضع لشروط إدارة أي أوبرا في العالم، خاصة في ما يتعلق بالتقيّد بالوقت والبعد عن المبتذل من العروض، وفرض رسوم دخول، فالإنسان، والشرقي عموما، لا يحترم أو يقدر ما يقدم له مجانا، فتراه يترك الحفل ساعة يشاء. أما ان دفع خمسة أو عشرة دنانير مثلا فتراه يجلس لآخر دقيقة، لكي «يحلل فلوسه»!
إن للأوبرا تقاليدها التي لا نعتقد أنها خافية على الشركة الأميركية، المديرة، ذات السمعة والخبرة العالمية في إدارة الأوبرات، ونتمنى عدم التدخل في طريقة عملها.
ودرءا للإشاعات، فإن التكلفة الإجمالية لهذا المشروع الضخم ـــ الذي بني على مساحة 214 ألف متر مربع، الذي استغرق بناؤه 22 شهرا، وهي فترة قياسية بكل المقاييس العالمية، والذي يستحق أن يكون من اجمل معالم الكويت واكثرها قربا الى القلب، بلغت 230 مليون دينار، سيتم استرجاعها مضاعفة، ماديا ومعنويا، بما سيضفيه المشروع من فرح وبهجة وابتسامات صادقة، ارتسمت وسترتسم، على ملايين وجوه شيبنا وشباننا وسيداتنا وشاباتنا، من مواطنين ومقيمين.
وجهان جميلان، أولهما وجه الصديق، عاشق الفن، الأب الروحي للموسيقى في الكويت، المهندس صباح الريس، الذي كنت أتمنى رؤيته في مقدمة الحضور، ووجه الفنانة الأوبرالية أماني الحجي، التي غابت أيضا عن الحفل، لسبب لا هي ولا أنا نعرفه، ونتمنى أن نراها قريبة تصدح في الدار، إضافة الى مجموعة رائعة أخرى نتمنى رؤية وسماع رائع أعمالها في المستقبل القريب.
ولا ننسى في هذه العجالة شكر الفريق الهندسي، الذي أشرف على إنجاز هذا الصرح، وغير ذلك من مشاريع حيوية، ونتمنى أن تنتقل «عدوى» إبداعاتهم للجهات المختصة بإقامة مثل هذه المشاريع، كوزارة الأشغال، بعد تخليص هذه الجهات مما فيها من بعض الأنظمة المتخلّفة والفاسدة.