الموظفة، التي قرر جهابذة وأساطين وزارة الداخلية معاقبتها، كما يشاع، بسبب تجاهلها لنداء إحدى «المواطنات» بالتدخل لوقف ومنع تعبّد إحدى الفئات قبل ايام على احد الشوطئ. هذه المواطنة لها الله. والله وحده سيكون بعونها، فهي مارست ما تعتقد انه متوافق وتاريخ الكويت، ومتفق وعادات اهلها وما تتطلبه قوانينها، وقبل ذلك دستورها. وفي بلد العجب العجاب، قصدي الكويت، كل ما هو كويتي منبوذ، وكل قانون مكسور، وكل ما مرره لنا المؤسسون الاوائل، وفي مقدمته الدستور، كل هذا لم يعد مرغوباً به في كويت العصر الحالي. أخطأت هذه الموظفة لأنها اختارت ان تكون كويتية الانتماء، دستورية الهوى.
حرية الاعتقاد كفلتها المادة 35 من الدستور، الذي تطنطن به الحكومة المسؤولة عن وزارة الداخلية. ولم يصدر قانون ينظم ويقنن هذه الحرية، كما الحال في حرية الرأي التي عُنيت مجاميع التخلف والتسلط الحكومي بإصدار وإقرار عشرات القوانين ومئات التعديلات وآلاف المواد لضبطها، وتحييد المواد الدستورية الضامنة لها من مضمونها وتأثيرها. والمادة الدستورية المذكورة تركت أمر ممارسة هذه الحرية لمن وفرت له ممارستها، وله، والى حد ما وحده، مسألة تقدير ما اذا كانت هذه الممارسة مطابقة للعادات المرعية، وغير مخلة بالعادات والتقاليد.
متعبدون على شاطئ مهجور في شهر نوفمبر، يعني بـ«الاصفري»، وهي الايام التي يهجر فيها الكويتيون السباحة والبحر، وضعوا تمثالا في عرض البحر، وقاموا، حسب زعم المواطنة «المستاءة»، بالتعبد له. لا نعلم كيف كان هذا التعبد. ولكن حسب شكوى المستاءة فهم لم يفعلوا شيئاً سوى «التعبد». لم يستخدموا مايكروفونات يزعجون بقية خلق الله مثل بني جلدة المواطنة المستاءة، لم يجبروا أحداً على مشاركتهم تعبدهم كما يفعل بعضنا، ولم يتعروا او يقوموا بأفعال يرفضها الذوق العام. الذوق العام هنا، وليس ذوق المواطنة المستاءة وبقية من يحرص على ايذاء الغير، بل هم، وحسب الاستياء والمستاءة، كانوا «يتعبدون»! يعني وفقا لما تلقته الموظفة المسؤولة والملمة بدستور وقوانين البلاد وعادات وتقاليد اهل الكويت، لم يخلوا بالنظام العام، ولم يخالفوا عادات وتقاليد البلاد.
لا شك ان الاخلال بالنظام العام ومخالفة الآداب العامة تعريف مطاط.. مطاط، وهذا ربما القصد منه، حيث ترك المؤسسون الاوائل مسألة قبول او رفض الايمان بحرية اعتقاد الآخرين للظروف وللتطور العام. والموظفة الكويتية الدستورية لم تجد التعبد، الذي تذمرت منه المستاءة، مخلا بالنظام العام او مخالفا للآداب، اذاً ما هي المشكلة؟ ولماذا تحرص وزارة الداخلية في حكومة تزعم انها ديموقراطية على اعلان معاقبتها لهذه الموظفة؟ ولماذا هذا التعسف والحدة او الاريحية في التصدي لكل ديموقراطي وانساني؟
للموظفة الديموقراطية الدستورية الكويتية.. لك الله.. لك الله، فأحد من ديموقراطيينا ودستوريينا وتقدميينا وكل مدعي التحضر والتمدن والتحرر لن يبذل حبة عرق في الدفاع عنك.