الديموقراطية ليست انتخابات وحسب. الديموقراطية هي حرية الراي والتعبير. من دون حرية التعبير، باي شكل من اشكالها، ليست هناك ديموقراطية، وليس هناك فرد يمارس دوره بحرية وبقدرات كافية تتيح له اختيار ما يعتقد انه لمصلحته. وحرية التعبير لا يمكن ان تتحقق بشكل كامل وفعال من دون «حرية الوصول الى المعلومات»، او الاحداث او الوقائع او الاحكام القضائية. هنا، نحن لا نفتقد التشجيع المطلوب للبحث والتحري وتكوين القناعات، بل في الواقع فان كل شيء معتم، وكل شيء محفوظ بحظر المساس به.
على الانسان عندنا ان يولد بعقلية معلبة جاهزة يستمدها، او هي بالاحرى تفرض عليه، من قبل الموروث الديني والاجتماعي المقدس. هذه العقلية لا يتم فرضها وتلقين اجزائها ومكوناتها للناشئ فقط. بل يتم تحريم المساس بها عليه بعد نضوجه واكتمال نموه، البدني بالطبع، فهو لا ينمو «عقليا» على الاطلاق. بل يولد بعقلية آبائه واجداده. ويتم هذا التحريم بالطبع بحكم القانون، كما في المادة 19 من قانون الاعلام الكويتي المشؤوم والقوانين اللاحقة والمعدلة له.
لهذا كان طبيعيا ان يتم الحجر على حرية الراي بكل اشكالها. وان يتم ايضا تغاضي المواطن عن المساس بهذه الحرية، رغم ان الآباء المؤسسين حرصوا على تحصينها وعدم المساس بها في المادة 175 من الدستور. «الاحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الامارة او بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة».
بناء على هذه العقلية المتخلفة والقوانين غير الدستورية الجائرة تم شطب مرشحين مميزين للانتخابات، مثل صفاء الهاشم وعبدالحميد دشتي دون ان يكترث او يستاء احد. اي ان الحظر على حرية التعبير تحول الى اداة يستخدمها من يشاء لعزل او حجب فرص تمثيل الامة عمن يرى فيه خطرا او تأثيرا سلبيا عليه.
لا نفترض سوء النية في الشطب هنا ـ تماما كما لا نفترض كمال ونضج من شُطب – لكن يبقى ان لكل فرد حقا في ان يبدي رايه بحرية في مجتمع ديموقراطي. والا تتم بأي حال من الأحوال محاسبته سياسيا في وقت لاحق او بعد فترة، كما حدث للبعض على ممارسة حريته وتمتعه بالحقوق التي حرص المؤسسون الاوائل على توفيرها وضمانها له.