«الحرب على الإخوان المسلمين» أصبح شعار هذا العصر، وعنوان المرحلة الحالية، حتى وصل الأمر إلى قطع الأرزاق، وتشتيت العوائل، وإنهاء مستقبل أجيال، وتحطيم آمال الكثيرين من الذين لم تكن لهم تهمة إلا أنهم محسوبون على تيار الإخوان المسلمين أو قريبون منه! ولعل أوضح مثال كان ما تردد عن استبعاد من رشحته الوزيرة لمنصب وكيل التخطيط ثم تم استبعاده بسبب انتمائه السياسي! وهذا ما يجري في كثير من مؤسسات الدولة في الكويت، حيث أصبح شرط الترقية أو التنصيب «ألا يكون منتمياً»! أمّا في وزارة الأوقاف عندنا فوصل الأمر إلى شرط تجديد الإقامة أو العقد أو التكليف ألا تكون منتمياً إلى الإخوان المسلمين! وبما أن الانتماء إلى الإخوان لا يرتبط بهوية شخصية واسم وصورة، كان القرار يستند – في معظم الأحيان – إلى الهاجس، أو الشعور بالشك، أو تقرير أمني، في سابقة لم تكن موجودة من قبل في أي من وزارات الدولة! علماً بأن الحكومة لم تعلن موقفاً عدائياً من جماعة الإخوان، ولم يتم تصنيفها إرهابية، كما فعلت بعض الدول! ومشكلة وزارة الأوقاف أن البعض يظن أنها تُدار من ق.بل تيار الإخوان المسلمين، كما كان يُظَن بوزارة التربية ووزارة النفط، ولا يحتاج المرء إلى كثير عناء ليثبت خطأ هذا الظن، فيكفي أن تستعرض أسماء الوزراء الذين تعاقبوا عليها فستجد الوزراء المحسوبين على تيار الإخوان لا يتجاوزون نسبة 5 في المئة من مجموع الوزراء. أمّا الوكلاء والمديرون فشيء طبيعي أن يكونوا من توجهات إسلامية لها وجود في المجتمع؛ ولذلك لن نستغرب إن وجدنا هؤلاء من المحسوبين على السلف والإخوان والمستقلين، وهذا واقع الوزارة.
لذلك عندما انتقلت سياسة البلد إلى القبضة الأمنية، ومورس القمع مع حرية الكلمة وحق التعبير، بدأت سياسة محاربة الإخوان وإقصائهم من وزارة الأوقاف بالذات! وربما هذا يفسر تولي وزير الداخلية والوزير الحالي لهذه الوزارة المنكوبة، فشاهدنا إنهاء خدمات الخطباء المحسوبين على التيار، وفقاً للتقارير الأمنية. وجاء الوزير الحالي ليكمل المسيرة، ولكن بوتيرة أعلى وأسرع، فتم تحديد صلاحيات الوكيل بإلغاء مجلس الوكلاء، ثم تجميده، وتم إنهاء خدمات أحد الوكلاء مع أن خدمته أقل من ثلاثين عاماً فقط لأنه محسوب على التيار! وتم إقصاء كل المديرين المحسوبين على هذا التيار واستبدالهم آخرين من تيار موال بهم! وتوجه الوزير إلى مركز الوسطية ليكلف شخصاً بإدارته، وهو الذي قيل إنه تم إلغاء تكليفه إدارياً عام 2011 لخلل في التزامه بالدوام! وشكل لجنة تحقيق لمراجعة إصدارات المركز برئاسة شخص يعلن عداءه للإخوان بـ «الطالعة والنازلة»! ثم يتم الطلب من وزارة الداخلية التحري عن باحث متخصص في الموسوعة الفقهية، فيأتي الرد «ليس عليه ملاحظات أمنية»، ثم يفصل من عمله! ودكتور آخر وجدوا في ملفه شهادة تزكية من الشيخ القرضاوي، فتم إنهاء خدماته من دون إبداء الأسباب! ثم تأتي الكارثة العلمية والإنسانية، حيث تم إنهاء خدمات 73 موظفاً في مركز الوسطية بحجة «فوبيا الإخوان»، وليس فيهم من ينتمي إليهم إلا أقل من العشرة! ومع الأسف، حدد لهم شهر مارس لإنهاء عملهم من دون اعتبار للعامل الإنساني، حيث إنهم أصحاب أُسر، ولديهم أولاد في المدارس، ويسكنون بالإيجار، ومعظمهم على بند المكافآت، أي ليس لديهم نهاية خدمة! ولم يتبق في الوزارة بعد موقف الوزير من التيار إلا د.عبد المحسن الخرافي، الذي يعتبره البعض محسوباً على التيار، ولا نستبعد أن نسمع قريباً عن عدم التجديد له، علماً بأنها أول عهدة له بالامانة العامة للأوقاف!
لا أريد أن أتكلم عن الوزير ومؤهلاته الشخصية والسلوكية التي تجعله مناسباً لوزارة الأوقاف، فهذا أمر بينه وبين ربه، لكن هل توجهاته الفكرية والسياسية كانت تؤهله للأوقاف؟! لقد أصبح واضحاً طبيعة الأجندة التي جاء بها الوزير معه، وكان حرياً به أن يلقي كل خلافاته خارج أسوار الوزارة، ويتحرى العدل والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه، لكن ما حدث أنه منذ اليوم الأول حدد هدفه وانطلق كالبرق لتحقيقه!
One thought on “ماذا يجري في وزارة الأوقاف؟!”