مقال قديم عمره أكثر من 8 سنوات لا أجد أنسب من أول أيام العيد كتوقيت لإعادة نشره، لا تدققوا في الأرقام كثيرا فقد تكون تغيرت بشكل ضئيل عما كانت عليه حين كتابة المقال للمرة الأولى، ولكن افهموا حجم المعاناة التي يعيشها من سأكتب عنهم وترفقوا بهم وبحاجتهم وتذكروهم في عياديكم.
لو قيل لي أن أعيش بمبلغ 666 فلساً يوميا؛ فسوف أقسّمها بالشكل التالي: 300 فلس، هي عبارة عن وجبات الإفطار والغداء والعشاء، بمعدل 100 فلس لكل وجبة، 200 فلس أجمعها يومياً ولمدة شهر كامل كي أتمكن من جمع 6 دنانير أضمن بها إمكانية شراء الحاجات الأساسية الشهرية كالمنظفات ولباس يقيني البرد للشتاء وغيرها من مستلزمات، فيتبقى لي 166 فلسا، 100 فلس أوفرها لنفسي لأي طارئ صحي أحتاج إليه كعمل أشعة أو شراء الدواء و66 فلسا أجمعها لأهلي، فتصبح مع نهاية الشهر ديناراً و980 فلسا، أذهب إلى أي شركة لتحويل الأموال فتطلب مني دينارين عمولة تحويل، وهذا يعني أنني سأجمع أموال الشهر الأول لضمان التحويل، وأقوم الشهر التالي بتحويل دينار و980 فلسا، بمعنى أن أهلي سيعيشون على دينار و980 فلسا لمدة شهرين بمعدل 33 فلسا يوميا، هذا بالطبع في حال أنني أسكن بالمجان.
هذا المبلغ، الذي لا يستطيع أي مخلوق العيش به، هو المبلغ الذي يتقاضاه الآلاف من العمالة في الكويت، فهم يتقاضون 20 ديناراً فقط شهريا… والله العالم كم يخصم منها، بسبب بعض الجشعين الذين لم يجدوا ما يغنيهم سوى سرقة قوت البشر ممن جعلتهم الفاقة والبحث عن لقمة العيش يقعون بين فكّي بعض مصّاصي الدماء، أملا في أن يجدوا بدولة كالكويت مسلمة ومسالمة العيش الطيب الهانئ، لكن هيهات أن يتحقق لهم ما يريدون وبيننا من يعيشون على الظلم وتفتح لهم أبواب الجشع كلها، كي يهنأوا بما يسرقونه من الفقراء الضعفاء.
المشكلة أننا نريد من هؤلاء المساكين غير المتعلمين أن يتصرفوا بحضارية في مجتمعنا وأن يساهموا في ارتقائه ونحن نحرمهم أبسط حقوق العيش وأدنى متطلبات الحياة، فليتفكر كل منا ماذا سنفعل لو كان نظام حياتنا على طريقتهم، ومع ذلك نعامل بازدراء واحتقار من الكثيرين في الأماكن الحكومية كالمستشفيات أو المخافر أو غيرها من مؤسسات الدولة.
لا تستاؤوا من كثرة تحياتهم أو نظراتهم لكم وهم يقفون عند إشارات المرور، ولا تقولوا بأنهم يتلقون ما يكفي من صدقات يوميا، واعملوا على نياتكم أنتم لا ما يجمعونه هم، ارفقوا بحال من يتباطأ عند توصيل طلب المطعم لكم بإرجاع المئة فلس أو الربع دينار فهم بتباطئهم يطلبون مساعدتكم دون قول صريح يكسرهم، وهذا الذي يشير لكم على موقف سيارة شاغر عند المجمعات رغم علمه بأنكم ترون المكان الشاغر دون الحاجة له يواسي نفسه بأنه قدم لكم عملا وخدمة تستحق المكافأة بدلا من الشفقة التي تكسر نفسه.
ربع دينار منكم يعادل عشرة دنانير وفق احتياجاتهم البسيطة، فلا تبخلوا عليهم بها، وكل عام وأنتم بخير.