ديربي السُّنة والشيعة هو الأطول في التاريخ، والأشرس كذلك، وهو أطول من ديربي الكاثوليك والبروتستانت وأشرس، ومن الديربيات التي تجري في ملاعب الهند وإفريقيا، وأشرس منها كلها.
وكانت قمة المتعة في ديربي السُّنة والشيعة تجري على ملاعب بغداد، حيث يلعب المقاتلون السُّنة بقميص الدولة العثمانية، ويُطلق عليهم في العراق لقب “ربع عمر”، أي أتباع عمر رضي الله عنه، ويلعب المقاتلون الشيعة بقميص الدولة الصفوية، ويُطلق عليهم “ربع علي”، أي أتباع علي رضي الله عنه.
وتدخل السلطات العثمانية بغداد، فتمسك بالناس وتطلب منهم، من باب الاختبار، الترحم والترضي على الخلفاء الثلاثة، أبي بكر وعمر وعثمان، رضي الله عنهم، فإن لاحظت أحداً يبدو عليه الغضب وهو يترحم أو يترضى، وساورها الشك فيه، سألت المحيطين به، فإن تبين أنه كان يسب الخلفاء الثلاثة، قطعت رأسه وأكملت بحثها عن غيره.
وتدخل السلطات الصفوية بغداد، فتمسك بالناس وتطلب منهم شتم الخلفاء الثلاثة، وتشديد الشتم على عمر، فإن بدا لها أن أحداً غير راضٍ عن ذلك، وتأكدت من “سنيته” قطعت رأسه، وأكملت مسيرة البحث، والتشييع. لذا بات شتم الخلفاء الثلاثة جزءاً من عقيدة الدولة الصفوية في ذلك الزمان، تحت إشراف الشيخ علي الكركي، أو “مخترع الشيعة” كما يلقبه خصومه في ذلك الوقت. والكركي عراقي من أصول لبنانية تعود إلى بعلبك، وصل إلى منصب “شيخ الإسلام” في الدولة الصفوية.
إلا أن المضحك في الأمر، أقصد المضحك في الديربي السُّني الشيعي، هو معاهدة الصلح التي جرت بين العثمانيين والصفويين، بعد أن رأي الصفويون أنهم محاصرون ما بين العثمانيين من جهة والأزبك من الجهة الأخرى، فقرروا التصالح مع العثمانيين إلى حين القضاء على الأزبك. وهذا ما تم.
وصيغت الاتفاقية بشروط العثمانيين، وأولها، بالطبع، التوقف عن شتم الخلفاء الثلاثة، فوافق الشاه الصفوي، وأمر بمحاسبة كل من يشتمهم، بدلاً من محاسبة مَن لا يشتمهم! لكن الصفويين سرعان ما قضوا على الأزبك وأعادوا “إحياء العقيدة” بشتم الخلفاء الثلاثة. فأصيب البغداديون بالحول والشلل العقائدي في تلك الفترة. وما زال الديربي مستمراً.