لدينا ثقافة بالية ومخزية قادها ويقودها عدد من الزعامات السياسية، وزراء كانوا أو أعضاء بمجالس الأمة أو حتى مسؤولين نافذين، جل اهتمامهم وتفكيرهم تكسب سياسي رخيص أو ترضيات شعبية أو ترتيبات سياسية، ورائدهم جميعا مصالح شخصية، وآخر اهتمامهم المصلحة الوطنية وتنمية البلد، وهؤلاء حقيقتهم معاول هدم للبلد وقيم المواطنة والعطاء والإنتاج، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لكنهم حقيقة تنكبوا الطريق.
فمن هؤلاء نبعت اقتراحات توزيع منح مالية على المواطنين والإعفاء من سداد القروض، وإنشاء صناديق توزيع الهبات وإهدار المال العام، مثل صندوق صغار المستثمرين، وصندوق قروض المعسرين، ومثلها كثير، ومنهم نبعت فكرة تقليص الدوام لـ 5 أيام بالأسبوع بدلا من 6 أيام رغم قصر ساعات الدوام اليومي الحكومي ورغم ضعف الإنتاجية لدى الموظف الكويتي، ومن هؤلاء نبعت فكرة تعيين سكرتارية لعضو مجلس الأمة بعدد 5 تم صاروا 10 ثم زادوهم إلى 15 سكرتيرا، وهو وضع مأساوي بحق، ومن هؤلاء نبعت أفكار تعطيل العمل إن وقع يوم العمل بين إجازتين وأمثالها، وقد نجح هؤلاء على بث ثقافة الكسل واللامسؤولية وعدم الإنتاجية التي هي ضعيفة في الأساس، وقد جرّت تلك القيم البالية سلوكيات مماثلة فشاعت ظواهر الإجازات المرضية، والتأخر عن العمل، والإجازات العرضية، وإجازات مرافقة المرضى للعلاج بالخارج، والدوام لمدة يومين أو ثلاثة، وغيرها من أنماط السلوك والقيم المبنية على اللامبالاة والكسل، فصار ذلك هو السلوك السائد البلد، في ظل غياب لسياسة الثواب والعقاب.
ومسلسل وممارسات هذه الثقافة مستمر وبكل أسف، وها نحن اليوم نقدم مثالا لهذه المقترحات السيئة بالمطالبة بجعل إجازة آخر الأسبوع 3 أيام، وهو اقتراح مقدم من بعض النواب، ونحن دخلنا الموسم الانتخابي، حيث تبقى له ربما 9 أشهر وفعليا 7 أشهر، ودخلنا سوق المزايدة للتكسب الشعبي الانتخابي، ولا عزاء للوطن الذي آخر ما يفكر فيه الأعضاء، ولذا فنحن من تدهور لآخر، وغيرنا يبني ويعمر ويتقدم.