ما شأننا كيف أوقف وزير التجارة سيارته بموقف المعاقين أو على هاوية جبل كي تلتهب الكلمات، وتضج مانشيتات جرائد “الحرية” عن الوزير وكيف يبتسم الوزير، وكيف يشكر الوزير رجال الشرطة، وكيف نهلل ونزغرد فرحين بالاكتشاف الكبير لدولة القانون في حارة “من صادها عشى عياله”، وأنه لا أحد فوق القانون، والجميع سواسية أمام دفتر المخالفات المروري، مثلما هم سواسية في الفرص الاقتصادية وفي توزيع خيرات برميل النفط الآفلة، لا فرق بين شيخ وغير شيخ، ولا بين كبير من الدائرة المغلقة ولا صغير من أصفار الشمال…!
ما شأننا بالوزير وفرحة الوزير وهو يشاهد “الشو” الإعلامي لتحرير المخالفة، ما شأننا بمعاليه وبمعاليكم، أنتم الذين تقودون (أو يفترض هكذا) الديرة في أحلك ظروفها الاقتصادية والأمنية، تقدمون خطوة ثم تتراجعون بعشر خطوات، تقولون كلاماً في الليل وتنسونه في النهار، ضائعون في “حيص بيص” البرميل النفطي المتهاوي، لا تعرفون أين تبدأون وأين تنتهون، خلقتم نوابكم كي يبصموا معكم في كل صغيرة وكبيرة، وها أنتم الآن محتارون معهم لا تدرون كيف تدارونهم وكيف تراضون شعبيتكم وشعبيتهم في مؤسسات المحسوبيات والترضيات وتطييب الخواطر.
ماذا تريدون أن تقولوا لنا…؟ تخبروننا أننا في دولة قانون والمساواة في تطبيق القانون بعد مانشيت “مرسيدس الوزير”، طبعاً نعرف أننا بدولة القانون، بدليل أن النائب السابق مسلم البراك في السجن، وأن عدداً من الشباب في السجون أو ينتظرون محاكماتهم أو “طفشوا” خارج حدود الدولة هرباً من “عدالة” دولة القانون، طبعاً نعرف ألف مرة أننا مقيدون ببصماتنا الوراثية في دولة “دفتر المخالفات”، لأن القانون يقول هكذا، يقول خالفوا الوزير حين “يصفط” سائق سيارته الجميلة في مكان ممنوع الوقوف أو ممنوع الكلام، ويقول لنا: لاحقوا كل من تسول له نفسه أن يتنفس بتغريدة أو بكلمة أو بحرف، طبعاً نعرف أننا بدولة قانون، هو قانون المرور، وقانون الجزاء، وقانون المدونات الإلكترونية، وقانون المرأي والمسموع، وقانون المطبوعات، وقانون الجنسية، ولا نهاية لقوانين دولة القانون.
فرحنا بالأمس، بلمحة حقيقية عن “دولة القانون” بعد حكم “التمييز” بأن سحب الجنسية ليس من مسائل السيادة، فيا أصحاب السيادة لماذا الإعادة والإطالة وتذكيرنا بدولة القانون، كفى علينا هذا الحكم… أدركنا الآن أننا بدولة القانون وألف تحية سلام لدفتر المخالفات المروري… شكراً لكم.