قدم عدد من نواب الاستعراض الشعبوي مشروعاً بقانون مفصل على مقاس عقابي للنائب عبدالحميد دشتي، في هذا المشروع الذي يدعو لإنشاء لجنة قيم بسلطة لجنة تحقيق برلمانية مهمتها تحديد القيم الدينية والأخلاقية أو الاجتماعية التي يخالفها النائب، ومن هذه القيم “التعرض للأشخاص أو الدول الشقيقة”، ولهذه اللجنة، بعد التحقيق، أن تحيل موضوع النائب للمجلس للتصويت على إسقاط عضويته.
مشروع هذا القانون يشكل اختراقاً خطيراً لمبدأ الفصل بين السلطات، بتخويل المجلس سلطة قضائية بعقوبة العزل من النيابة، وفيه شبهات دستورية، كما أنه ابتدع جريمة جديدة مبهمة غير محددة المعالم سائبة خطرة ومدمرة اسمها “التعرض للقيم الدينية أو الأخلاقية أو الاجتماعية”، وأضاف أيضاً جريمة ثانية هي “التعريض للأشخاص أو الدول الشقيقة”…! وخول الولاة الجدد بمجلس الصوت الواحد أنفسهم سلطة تحديد القيم والعادات الأخلاقية والاجتماعية والدينية، وما يعتبر تعرضاً للأفراد أو لعلاقات الدول الشقيقة، إلخ، هنا تصبح اللجنة هي الخصم والحكم… وبكلام آخر تعد هذه اللجنة إحياء لميت “هعامنعم” (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما اسماها الزميل عبداللطيف الدعيج قبل عشرين عاماً) بعد أن تفتحت عبقرية نواب السلف الحكومي للعودة لمثل تلك اللجنة المقبورة مع تحديد اختصاصها الآن بزملائهم النواب، وبالغد سيتمدد فكرها “الداعشي” لتشريع متكامل لكل مواطن ومقيم في مثلث الهم الكويتي، وكأن هذا ما ينقصنا!
غرض نواب المشروع هو وضع حد لنزق النائب عبدالحميد دشتي في تصريحاته ومواقفه الاستفزازية في علاقة الدولة الخارجية مع دول مجلس التعاون، بصرف النظر عن ممارسة النائب دشتي حقوقه في التعبير أم لا، فحق التعبير هنا، وبصفة عامة في دولنا العربية “الشقيقة” له حدود تنكمش يوماً بعد يوم حسب معايير تمدد السلطات الحاكمة ونفوذها، بهذا يصبح التشريع هنا مفصلاً لحالات “مشروع ترزي” فردية، وليس نابعاً من “ظاهرة” عامة يراد إصلاحها ومواجهتها كما يفترض.
مثل تلك التصورات التشريعية تظهر لنا حجم الكارثة والمأزق الكبير في الدولة التي تواجه أخطر تحد اقتصادي لها الآن بتهاوي برميل النفط من ناحية، وتمدد حروب الجوار ومشروعات التقسيم من ناحية أخرى، بينما نجد الحلول محصورة عند حكومة “العلاج بالخارج” ونواب “القيم والعادات”… فهل هناك مصيبة أكبر من هذه؟