قبل أربع سنوات تقريباً، عندما اشتد نشاط «الحراك» وكتلة الاغلبية واجتاح الذعر والغضب والسخط شريحة كبيرة من أهل الكويت، طفت على سطح الساحة السياسية الكويتية ظاهرة جديدة اسمها «محمد الجويهل»، كان طرحه اشبه بالكوميديا الساخرة آنذاك، لكنما سرعان ما تحولت تلك الكوميديا الى فكر سياسي راديكالي أيده الكثيرون من أهل الكويت، فصعدت عندئذ أسهمه بسرعة الصاروخ في سماء الانتخابات عندما دخل في مواجهة مباشرة ضد «الحراك» والمعارضة.. ولأسباب غريبة، أصبح «الجويهل» أيقونة تمثل الكثيرين على الرغم من أن معظم أطروحاته لا تروق الى أهل الكويت جميعا! لماذا هذا التأييد إذن؟! لأنه أصبح «المتنفس» الوحيد لمن اختنقوا من ممارسات وتطرف «الحراك».. وعندما اشتد ساعد «الجويهل»، اندفع في آرائه من دون هوادة حتى وصل الى درجة التهور وشق الوحدة الوطنية على مرأى من «الحكومة»، فأثار الزوبعة والفوضى التي أدت الى حرق مقره الانتخابي! ففاز الجويهل في مجلس 2012 وسط احتفاء شديد، ثم أُبطل المجلس.. وبقدرة قادر اندثر الحراك، وتفتتت المعارضة، وساد الهدوء، وتبخر مؤيدو الجويهل من دون مقدمات.. ثم حكم عليه بالسجن واختفى عن الساحة السياسية!
اليوم.. وفي سيناريو يبدو مشابها، وربما اشد خطورة لانه يحاكي الطائفية، يخرج لنا النائب عبدالحميد دشتي بفكر راديكالي جديد وصلت «خطورته» الى دول الخليج! عامين مضنيين لا يتوقف بهما دشتي عن استفزاز معظم شرائح أهل الكويت والدول الشقيقة، حتى كادت ممارساته ان تقطع علاقة الكويت بدولة شقيقة كبرى! «طيّب لماذا هذا الصمت المطبق؟! أين هي اليد من حديد؟! وين دولة القانون؟»، لماذا لم يتم رفع الحصانة عنه حتى الأسبوع الماضي فيما يخص إساءته للسعودية؟!
من يفتش بالتاريخ السياسي الكويتي منذ نشأته، سيجد حتماً عشرات النماذج من الجويهل ودشتي على مر الأزمات السياسية الكبرى بالكويت.. كالشيخ أحمد الفهد مثلاً! فتلك النماذج ليست الا صنائع «حكومية» تستدعيها وقت الأزمات تمهيداً لإجراءات استثنائية تقلب موازين الحياة السياسية.. ولأن الأزمة السياسية اليوم تحمل بُعداً إقليمياً خطراً يرتبط بإيران، وخلية حزب الله بالكويت، ومن يشبههم، تُرك عبدالحميد دشتي يصول ويجول بفكره «المتطرف» ليكون متنفساً لشريحة ليست بالقليلة من المجتمع الكويتي، خصوصا بعض من اختلطت عليهم «العقيدة الشيعية» بسياسة ايران وحزب الله وغيرهما.. فاليوم المنطقة مقبلة على تغيرات اقليمية كبرى: عاصفة الحزم، رعد الشمال، قرب سقوط بشار الأسد، اعتبار حزب الله منظمة إرهابية وضربه اقتصادياً، والانسحاب التدريجي للقوات الروسية من الشرق الأوسط.. تلك الإجراءات القاصمة ستخنق حتماً من آمن بسياسات ايران واعتبر ممارستها «عقيدة»: وهم كثيرون بالكويت!
ومن هنا انطلق دور النائب عبدالحميد دشتي لينفث ما في صدور هؤلاء، فكثف زياراته الى بشار الاسد، وهاجم نظام البحرين، بل و«مصخها» بزيارته لأهل المجرم «عماد مغنية» وتقبيل رأسهم.. ذلك الاستفزاز المقيت على مرأى «الحكومة» بلغ السيل زبى عند أهل الكويت والخليج، وجعل من دشتي قضية «رأي عام» يحكي بها «عوير وزوير» في العالم العربي بأسره!
اليوم، وبعد قرار مجلس الامة «الشجاع» برفع الحصانة عن دشتي، وبدء محاكمته قريبا، وقرب انفراج الازمة الاقليمية، اصبحت حكاية دشتي على وشك الانطواء.. وبات واجبا علينا ان نصرخ الآن بوجه من صنع هذه النماذج: كفى! كفوا عن استخفافكم بنا، كفوا عن سياستكم العابثة.. فالوضع الاقليمي اليوم لم يعد يحتمل سوى الضرب بسيف القانون لكل من تسول نفسه شق الوحدة الوطنية.. فمان الله!
آخر مقالات الكاتب:
- كيف باعوا «شبابنا بالسجون».. برخص التراب؟!
- عبد الرحمن السميط.. المسلم الحقيقي!
- أبوي.. جاسم الخرافي
- عبيد الوسمي.. الذي احترمته أكثر!
- مَنْ «صَنَعَ».. عبدالحميد دشتي؟!
- لماذا اجتاح «الإلحاد».. الكويت؟!
- مسلم البراك..«يبي يسجني؟!»
- الشيخ سعد العبدالله.. لم يمت!
- الإلحاد.. وناصر القصبي!
- لماذا سنقيم «فرانچايز اكسبو».. في دبي؟!