يقول المفكر المصري فرج فودة: إن العلمانية ليست إنكاراً للأديان بقدر ما هي إنكار لدور رجال الدين! ونضيف: وإنكار لدور بعض الكتّاب المتأسلمين الذين لا يجيدون شيئاً غير شتم مناوئيهم!
***
كتبت هذا المقال، الطويل نسبياً، في ديسمبر 2012، ولكني أجلت نشره. ثم بعد عام أضفت إليه شيئاً، وأيضاً أجلت نشره، ونسيته، إلا أن تذكرته قبل أيام عندما قرأت فقرة وردت في مقال د. أحمد الخطيب، السياسي الكبير، بعنوان، «ألا تخجلون من تحميل الضعفاء فاتورة سراق المال العام»، والتي قال فيها ما معناه ان «فارس الصندوق الأحمر»، بشّرنا بالخير، عندما حقق في اختلاسات أسبانيا، ودور الحرامي دلاروسا، الذي أدين لاحقاً من قبل المحاكم الأسبانية، إلا أن تلك البشارة لم تتحقق، فسرعان ما دُفن الموضوع برمته وقتها، واختفى نائبنا عن الأضواء، وهو مرتاح!
***
كان النائب والوزير السابق إسماعيل الشطي واحداً من أعمدة حزب الإخوان المسلمين، الفرع المحلي للتنظيم العالمي، قبل أن يقرر عام 2005 الانفصال عنه.
وقد كرّس الشطي خروجه بكتابه «الإخوان والدولة الحديثة»، والذي طبع في المغرب، ولكن لم يلق رواجاً، إن بسبب موضوعه المستهلك، والذي يشبه كل تنظيرات الإسلاميين، ورؤاهم وأفكارهم في الشكل الذي يجب أن تكون عليه الدولة الإسلامية، أو ربما لما تضمنه من نقد لفكر وأسلوب عمل الإخوان، والطعن في بعض أفكارهم في ما يتعلّق ببناء الدولة الإسلامية، علما بأن الكتاب تضمن تنبؤات بقرب سقوط الإخوان، بعد أن فشلوا في تقديم نموذج حكم مقبول، بعد ثمانين عاماً من العمل السياسي. وأن شعاراتهم، التي طالما دغدغت مشاعر الجماهير، لم تتحول يوماً إلى مشروع نهضوي، وأنها بشكل عام فوجئت بالسلطة، بعد الربيع العربي، تسقط في يدها فتسلمتها بجرأة عجيبة لتخوض مغامرة تهدد وجود الشعوب التي تسلطت عليها. كما ورد في الكتاب أن حكم «الإخوان المسلمين» سيكون كارثياً على البلاد التي ستسلم لها قيادتها، لأن تنظيمهم لم يمتلك يوماً مشروعاً يقود به الأمة. وأن الجماعة تستدر عطف الجماهير في مواجهة السلطات التي تمنع وجودها سياسياً، كي تحصد الأصوات في الانتخابات، وأن دعوتها الدائمة لتطبيق الشريعة الإسلامية غير صادقة النية، بل غوغائية وبلا مضمون، وأنها ترفع شعار الشريعة على سبيل المتاجرة للقفز من خلاله على كرسي السلطة. وهنا لا بد من الاعتراف بـ«ذكاء» الرجل الذي اختار الوقت المناسب للقفز من سفينة الإخوان المعرّضة للغرق، حيث صدق توقعه، وانكشف أمر الجماعة والتنظيم سريعاً، وقد يكون لذلك تأثيره الكارثي عليهم، وعلى سقوطهم المستقبلي، الذي نتمنى ألا يطول انتظارنا له، بعد أن فشلت في أن تعطي أتباعها والمعجبين بها حلاً واحداً لكل المشاكل التي عانت الأمة الإسلامية منها، وليس أدل على فشلها من اختيار قادتها لـ«محمد مرسي»، الرجل الضعيف والفاقد لأي مؤهلات حقيقية، رئيساً لمصر، الدولة الأهم في التنظيم العالمي، ومهد الفكر الإخواني.
• ملاحظة:
صدر حكم ببراءتنا، في قضية «أمن دولة»، من تهمة الإساءة الى العلاقات مع الجمهورية الإسلامية. وقد تنازلت السفارة الإيرانية مشكورة عن الحق في استئناف الحكم.