يفاخر بعضنا: “المسؤول العربي الفلاني ردّ بشموخ على وقاحة المسؤول الغربي بمثلها، ورفع رؤوسنا عندما وضع رجلاً على رجل، كما فعل الغربي المتبجح، أثناء اللقاء الذي جمع بينهما”. دون أن يعلم هذا المتفاخر المتباهي أن وضع الرجل على رجل في ثقافة الغربيين لا يُعتبر استهانة بالآخرين، بل وضعية عادية من وضعيات الجلوس، لعلها الأشهر بينها.
ونتذكر كلنا ما فعله القذافي، بعد “قضية لوكيربي”، عندما أعطى الغربيين مفاتيح غرف نومه، يصولون فيها ويجولون، بل وينامون متى ما شعروا بالتعب. وسلمهم مفاتيح حمّامه، إن رغبوا بالدش الساخن، وأعطاهم منشفة، وكريماً مرطباً للبشرة، ومشطاً من العاج الفاخر… كل هذا ليكسب رضى الغربيين، ويتركوه على كرسيه الجماهيري العربي العظيم، قبل أن يظهر أمامنا في الشاشات مستهيناً بالغربيين، ساخراً من ديمقراطيتهم، جالساً بشموخ، بملابسه الزاهية البراقة! فيفاخر إعلاميوه بهيبته وطريقة جلوسه ومجده التليد.
كذلك فعل صدام، عندما صال المفتشون الغربيون وجالوا في قصوره المنتشرة على ضفاف النهرين، ليجلس هو شامخاً في مكتبه في القصر، بينما يعبث الغربيون بجيوب خزانته، بكل أريحية وسعة صدر، قبل أن نراه في نشرات الأخبار، وهو يرفع يديه، بكل زهو وخيلاء، تحية للعرب الشرفاء، ولـ”شعب العراق العظيم”.
المجد، سيداتي سادتي، ليس هنا. المجد ليس في طريقة الجلوس، ولا في طريقة الظهور أمام الشعب بوجه عابس جدي، ولا حتى بالتصريحات الإعلامية المتحدية للغرب. المجد في أماكن أخرى مختلفة. فاضبطوا عيار البوصلة، يرحمني ويرحمكم الله.