لنقل للذين يفكرون بيومهم الحاضر ولحظتهم الفانية ولا يكترثون للغد ولا مصائبه الواقفة على رؤوسهم ورؤوس أبنائهم “أبشروا بطول السلامة”، فما بين حكومة ومجلس الفرزدق سيتلاشى كل أمل لإصلاح اقتصاد ومالية الدولة. لا حاجة للنظر في دراسة “موديز” عن تخفيض تصنيف الدولة المالي للأسوأ. دراسة “موديز” حول “تنزيل” تصنيف الدولة المالي ليست سبب انخفاض النفط كما يتصور، وإنما بسبب عجز وتراخي السلطة في وضع الحلول لمواجهة أزمة النفط، هي أزمة إدارة سياسية فاشلة تتقدم بقدم وتسحب الأخرى، تقول رأياً ثم تتراجع عنه في اليوم التالي، تخاف الحقيقة، تخشى أن تطلب من شعبها بعض التضحية من رخاوة أيام النفط، لأنها تتصور لو فعلت ذلك، أي مواجهة الناس بحقيقة وضع الدولة المالي، وفرضت إجراءات إصلاحية من تخفيض الدعوم أو رفعها عن غير المستحقين، أو فرض ضرائب، فهؤلاء الناس سيشرعون في محاسبة السلطة عن جبال الفساد والإهمال المنسية في ملفاتها، وهي لا تريد المحاسبة و”تقليب المواجع”، لأنها لا تريد أن تكون سلطة مسؤولة وتتحمل التبعات.
أمامكم النكتة السمجة في قضية العلاج بالخارج، وهي عبارة عن شبر الماء الذي غرقت فيه الحكومة، فكم مرة يعدل وزير الصحة وبقية وزراء شعار “لا مساس بدخل المواطن” من تصوراتهم لحل مشكلة “الرشوة” السياسة، وآخر أطروحاتهم كانت أمس الأول عن إمكانية دفع نفقات “أكثر من مرافق” حسب طلب بعض النواب!
من تريد أن ترضي يا معالي الوزير، نواب مجلس حكومتك والذين ستسلك السلطة أمورهم حسب طلبات مجلسها الرصين، أم زملاءك من الوزراء الديلوكس “الشيوخ” الذين لابد أن تكون الأبواب مشرعة أمامهم من أجل “الرزة” وهيبة المشيخة…؟ من تريد أن ترضي، يا دكتور في هذا الوقت الصعب والقلق في آن واحد!
ليس هذا وقت “دبلوماسية الدينار” أو “الرشوة” الرسمية في العلاج بالخارج -كما أسماها جاسم السعدون- حتى ترضى عنكم دوائر المتزلفين، وكي تسلك أموركم الكبيرة في مجاري الفساد، والتي نعرفها وتعرفونها جيداً! هل نحن من الغباء ألا ندرك أن الغرض من “العلاج بالخارج” غير شراء مواقف نوابكم التابعين. كي تبرم الصفقات القادمة أو الواقفة الآن على باب الفساد الكبير…؟ هل هذا وقت “اللعب السياسي” الذي تمارسه الحكومة مع المجلس؟ هل تعتقد يا دكتور الواسطات والتسليك أننا لا ندرك أن مصاريف العلاج بالخارج تستطيع أن تبني بها الدولة أفضل المراكز الصحية العالمية أو تستقدم أفضل الخبراء من الخارج…؟ لماذا هذا اللف والدوران…؟ لماذا هذا الاستعباط لنا نحن القلة القلقة من أوضاعنا ومستقبل أبنائنا؟
العلاج بالخارج أو الفساد بالداخل، ليس هو القضية، هو فقط مؤشر عن “حنكتكم” السياسية ورؤيتكم كيف تدار الأمور في زمن مخيف، القضية الكبرى اسمها أنتم… أنتم الذين تزعمون أنكم ستقتلون “مربعاً” فليبشر “مربع” الفساد والخراب بطول السلامة.