تستمر اسعار النفط بالانخفاض بسبب زيادة المعروض وتباطؤ نمو الطلب على النفط. وفي آخر يناير الماضي، صرح Josh Harris، العضو المنتدب لشركة Apollo Managment، بان البنوك توقعت عن الاقراض وتم الغاء كل صفقات الاستحواذ منذ بداية السنة. وسجلت اسعار الاسهم اكبر انخفاض في الاسابيع الاولى بالتاريخ. ويتضح ان العالم مقبل على تباطؤ اقتصادي قد يكون أشد أثراً وأطول مدة من ازمة الائتمان في سنة 2008. وكل هذه التأثيرات الاقتصادية تشير الى ان دول الخليج سوف تعاني من العجوزات المالية فترة اطول من المتوقع. لذلك على اصحاب القرار وقادة الحكومات التحضير للأسوأ.
عامل الثقة
في حالات التعثر المالي، تكون هناك اطراف تركز على مصلحتها الخاصة على حساب مصلحة الآخرين. لذلك يرفض اصحاب المصالح رفع القيمة الايجارية للقسائم الصناعية. وترفض الشركات زيادة نسبة الضرائب. ويرفض المواطنون رفع الدعم. وايضا يرفض القياديون تخفيض مكافآتهم. وكل طرف يحاول جعل الآخرين يدفعون الفاتورة. وخلال هذا النقاش البيزنطي تخسر الدولة الملايين من ثروتها المتراكمة على مدى عقود. والاخطر هو قيام كل طرف باتهام الاطراف الاخرى بعدم القيام بالعمل الصحيح ويبدأ تآكل الثقة بين مكونات المجتمع. وهناك مرحلة اللاعودة التي قد يكون من الصعب التغلب عليها ويصبح الافلاس حتمياً وعندها لن يفيد الكلام.
100 مليون دولار خسائر يومية
ومن الواضح ان استمرار الوضع يعني خسارة جميع الاطراف. وقد يحقق البعض المكاسب الوقتية التي لن تكون ذات قيمة عند تدهور الاقتصاد بشكل كبير. وتخسر الكويت حاليا ما يقارب 12 مليار دينار في الاسعار السائدة للنفط، وهو ما يعادل 30 مليون دينار يوميا. ويجب وقف هذا النزيف المستمر في مالية الدولة. والجميع يعلم ان الاحتياطي العام للدولة يدفع هذا العجز للمحافظة على الوضع القائم. لكن يجب عدم الصرف بالشكل الحالي حتى نحتفظ على ثروة ابنائنا من التبدد.
تغيير الحرس
في ظل الوضع الحالي وتبادل اللوم والاتهامات، نحتاج الى طرف جديد يتمتع بثقة الجميع للقيام بالدور المهم والقيادي في الوقت الحالي حتى نصل الى بر الامان. لا ينفع استمرار نفس المسؤولين والوزراء الذين تعودوا على مستوى عال من الصرف والبذخ والتبذير. ولن يستوعب هؤلاء حجم وضخامة الخطر الذي يهدد جميع الاقتصادات المحلية. ولن يستطيع هؤلاء القيادات التي استفادت وقت الرخاء كسب احترام الشعب لأنهم لم يُقدروا الوضع الحالي.
جدول زمني
نحتاج إلى هدف واضح وخطة منظمة وجدول زمني. ويجب ان يكون الهدف سهل الفهم وبسيطا لدرجة ان المواطن العادي يستطيع شرح المطلوب لابنائه، ويجب ان يكون الهدف واضحاً وقابلا للقياس والتطبيق. ويجب ايضا ان تكون هناك خطة مرتبطة بجدول زمني لتنفيذ الخطوات المطلوبة وتحديد المسؤولين وعزلهم في حال عدم تنفيذ الخطوات في الوقت المحدد مسبقا. وقد يكون الهدف تخفيض العجز بمقدار 10 مليارات دينار خلال 3 سنوات. والمهم هو توضيح كيف يتم التخفيض وقيمته والوقت المطلوب لتنفيذ التخفيض. وعندها يتم البدء بالخطة وتنفيذها بشكل دقيق. ومع كل خطوة يتم بناء ثقة الشعب بالقدرات التنفيذية واستعادة الدعم، وقد يبادرون بخطوات تفيد في تحقيق الهدف النهائي، ولا يجب التراجع عن الخطة بعد البدء بتنفيذها حتى لا يحصل تخبط وتنهار ثقة المجتمع في الخطة والقائمين عليها.
كفلة التأخير
لا يوجد وقت لاختيار الحلول بسبب تكلفة التأخير، وتخيل ان تكون مسؤولاً عن مالية الدولة عندما تخسر الدولة يوميا مبلغ 30 مليون دينار، وهذا يعني اكثر من مليون دينار كل ساعة، لذلك يجب البدء حالاً ولا مجال للتسويف وعمل اللجان والدراسات، نقترح اختيار شخص فيه الكفاءة ويتمتع بالثقة الكافية والقدرة على استيعاب الدور المطلوب منه، وثم تمكينه من العمل حتى ينجز وينقذ الدولة من الوضع المالي السيئ.
توصيات لزيادة إيرادات الدولة:
1 ــ ضرائب العقار %2.5 (1 مليار)
2 ــ ضرائب الاستهلاك %10 (1 مليار)
3 ــ ضرائب الشركات %30 (1 مليار)
4 ــ زيادة أقساط التأمينات إلى %15 (1 مليار)
توصيات لتقليص مصروفات الدولة:
1 ــ إلغاء جميع بدلات الوزراء والقياديين (2 مليار)
2 ــ تخصيص المواصلات والإعلام والكهرباء (نصف مليار)
3 ــ تقليص دعم الكهرباء والماء %50 (1 مليار)
4 ــ تقليص ميزانية الدفاع %60 (1 مليار)
***
إجمالي تقليص العجز يساوي 8 مليارات دينار
الإيرادات السنوية 7 مليارات دينار عند 20 دولارا للبرميل
المصروفات السنوية 10 مليارات دينار.
إجمالي العجز 3 مليارات دينار يتم تمويله عن طريق الاقتراض، مما يترتب عليه تكلفة اضافية 100 مليون دينار كل سنة.
آخر مقالات الكاتب:
- مجموعة الشايع نموذج نجاح كويتي.. عالمي
- إدارة الأموال العامة وضبط المصروفات
- ملاحظات على إدارة الدين العام
- تطبيق دعم العمالة على جميع الشركات المحلية
- كيف ندمر ٣٠ ألف فرصة عمل؟!
- اقتراحات إضافية لمشروع قانون الإعسار والإفلاس
- كيف نخلق 25 ألف فرصة عمل سنوياً؟
- «من شراك باعك»
- هذه هي تحديات الكويت الاقتصادية
- وقع المحظور الذي حذَّرنا منه