للأموال العامة حرمة لا تقل عن حرمة الأموال الخاصة، بل إن الاعتداء على المال العام أشد جرما من الاعتداء على المال والممتلكات الخاصة، لا سيما إذا كان هذا الاعتداء ناتجا عن استغلال المنصب والثقة التي أعطيت لهذا المسؤول أو ذاك.
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة أن يوسّد الأمر إلى غير أهله، وبين صلى الله عليه وسلمأن هذا التوسيد صورة من صور تضييع الأمانة، فإذا تمت تولية رجل غير مناسب في مواضع المسؤولية والولايات العامة فلا شك أننا وقعنا في باب من أبواب تضييع الأمانات، يتحمل مسؤولية ذلك كل من ساهم في تولية هذا الشخص، وسيسألون جميعا بين يدي الله جل جلاله يوم تشيب مفارق الولدان.
وإليكم مقتطفات من إحدى خطب الوزارة التي عممتها، وفيها إيضاح لبعض مظاهر الاعتداء على المال العام، أحببت أن أضعها بين أيديكم ليعمّ نفعها بعون الله:
1- ومن معاني الأمانة أيضا: ألا يستغل الرجل منصبه الذي عين فيه لجر منفعة إلى شخصه أو قرابته، فإن التشبع من المال العام جريمة، قال صلى الله عليه وسلم: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول» (رواه أبو داود).
2- ومن الأمانة العظيمة -عباد الله: الحفاظ على المال العام، فالمال العام حرمته كبيرة، وحمايته عظيمة، بموجب الشرع الحنيف، وهو أشد في حرمته من المال الخاص، لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له، وقد أنزله عمر بن الخطاب منزلة مال اليتيم الذي تجب رعايته وتنميته، وحرمة أخذه والتفريط فيه عندما قال: «إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم».
ومن صور ضياع الأمانة في المال العام: الأخذ والاختلاس من هذه الممتلكات العامة، والاستفادة منها في المناقصات وغيرها دون وجه حق، وقد حذر الدين الحنيف من هذا الأمر، فعن عبدالله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول» (رواه أبو داود وصححه الألباني).
3- ومن صور ضياع الأمانة في الممتلكات العامة والمال العام: الغش، وأكثر ما يكون هذا في تنفيذ العقود، فبعض الشركات التي تقوم بتنفيذ عقود المقاولات والأشغال العامة، كالطرقات والمباني والسدود وغيرها لا تفي بالشروط والمواصفات التي يتم الاتفاق عليها، ثم تأتي مناقصة أخرى لنفس المشروع لإصلاح ما فسد منه، وتستخدم الرشوة أو الهدية، أو أي مسمى آخر، وسيلة لتسهيل مثل هذه الصفقات والمعاملات، فتضيع وتهدر أموال وحقوق، وربما تعرض المجتمع للخطر..
والحمد لله رب العالمين.