لا أدري من هو المسؤول في استثماراتنا الخارجية الذي صرح، حسبما جاء في الصحف المحلية، في 22 فبراير الماضي، بأن الهيئة العامة للاستثمار بصدد تكليف وتعيين مكاتب محاماة دولية متخصصة، مهمتها الأساسية الدفاع عن «قياديي وموظفي» الهيئة، في مسلك ضد كل من تسول له نفسه التعرض لذممهم المالية.
وقبل كل شيء، آمل أن يكون كل واحد منهم قد قدم ذمته المالية، كما أمر القانون، إلا إذا كان البعض يعتقد أنه فوقه، كما أوحى بذلك عندما رفض مقابلة اللجنة المكلفة للتحقيق في أوضاع مكتب الاستثمار بلندن والمكاتب الأخرى حول العالم، أو أنهم يعتبرون مجلس الأمة غير دستوري وفاقداً للشرعية، أو غير قادر على إحالة القضية إلى التحقيق، بما يلزمهم حضور جلسات اللجنة.
لقد أصبحت هناك قناعة وانطباع لدى الكثيرين، وكذلك مجلس الأمة، بأن أموالنا في الخارج تتعرض لانتهاكات خطيرة، وهذا الانطباع لم يأتِ من فراغ، فكوكبة جديرة من أبنائنا قدموا استقالاتهم من الهيئة أثناء فترة الاحتلال الصدامي، التي دامت سبعة أشهر (2 أغسطس 1990 – 26 فبراير 1991)، عندما رفض مجلس الوزراء حينها اتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح الوضع الفاسد، وتم توثيق هذه الرسالة أو الاستقالة في مجلس الأمة السابع، الذي انتخب في أكتوبر 1992، حينما قرأ نصها عضو المجلس المحامي مشاري العصيمي، آنذاك، لتثبيتها في المضبطة، وكانت بتوقيع: يعقوب الحميضي وفهد الراشد وفهد البحر، ولم يستطع محمد العدساني توقيعها، كونه من الصامدين أثناء الاحتلال، الذي تلقى خبر عزله قبل بدء معركة التحرير،
ونضيف: هناك آخرون في هيئة الاستثمار هاربون من العدالة في الخارج، ولم يتخذ إجراء جدي لإحضارهم.
وفي هذا السياق، لا ننسى فضيحة مؤسسة التأمينات الاجتماعية، التي مسَّت الكثيرين زمناً طويلاً، ولم يتم أي إجراء فعلي لتصحيح أوضاعها، رغم المطالبات العديدة والمتكررة… فظل المسؤول عنها متربعاً على عرشها إلى أن تم كشفها من قِبل فهد الراشد، جزاه الله خيراً، فهرب هو الآخر، ليقع بيد العدالة، التي اتخذت إجراءات حازمة ضده، بتهمة ما حصل عليه من أموال ضخمة اعتبرتها مشبوهة.
لذلك، نستطيع القول إن رأي بعض المسؤولين في الاستثمارات واضح.
وأخيراً، ينطبق الوضع القائم في هيئة الاستثمار، وغيرها من الهيئات، بعبارة أشبه بمثل لشطر بيت للشاعر ابن سهل الأندلسي، ومن حق البعض أن يقول «كاد المريب أن يقول: خذوني».