طبعاً نحبط ونيأس وتغلي في أنفسنا كلمات وعبارات مثل “ماكو فايدة، وانفخ ياشريم، وهذا سيفوه…”، وغيرها من حكم وأمثال شعبية يكررها ويعيدها الكثيرون من المهمومين بمأزق الدولة مع سياسييها وأصحاب الأمر والنهي فيها بالأمس واليوم والله العالم إلى متى.
من جملة الأخبار، المثيرة للغثيان، مع أنه من المفروض اعتيادنا على مغثة الفشل السياسي والإداري بدولة “واو” الواسطة وترسيخ الفساد، مثل خبر تصريح رئيس لجنة الميزانيات السيد عدنان عبدالصمد بأن الحكومة لم تفعل شيئاً لترشيد الإنفاق، وأن خفض المصروفات كان بنحو نصف في المئة فقط، وتلك حدثت بفعل مصادفة نزول أسعار النفط وليس بحصافة الجماعة!
إذاً ما جدوى وما معنى كل ذلك اللغو الفائت والتصريحات المكررة من وزراء البشوت عن تقليص الإنفاق وترشيد الاستهلاك في أخطر أزمة مالية تواجهها الدولة منذ لحظة تصدير أول برميل نفط؟! يكفي أن نعرف حجم الفشل المربع في إدارة الدولة حين ندرك أن “معاليهم وسيادتهم” كي لا يفلسوا من عملة المقايضات وتبادل المنافع “أي رشاوي سياسية” لشراء الولاءات وترسيخ الشعبويات بدلاً من إصلاح نظام العلاج بالخارج أو إلغائه تماماً، وإنشاء مؤسسات صحية في الداخل، تحل مكانه، آثرت الحكومة تخفيض تكلفة العلاج بالخارج إلى درجة غير معقولة، مع الإبقاء عليه ليظل الباب مفتوحاً من أجل “خشمك واذنك…” في سوق الواسطات وتوارث المحسوبيات والفساد.
ومن الأخبار المثيرة للشهية الصحافية في بلاد “انفخ ياشريم… ومشيني وامشيك”، ما نسب للنائب سيف العازمي عن توسطه لإدخال 93 طالب ضابط بكلية سعد العبدالله… وكأنه أمر غريب وجديد على واقعنا الصدئ، فسيف العازمي لم يفعل غير ما استقر عليه معظم نواب إمبراطورية “واو” الكويتية، أغمضوا عيونكم وتذكروا معظم نواب الأمس واليوم، واذكروا نائباً واحداً فقط، أو متنفذاً بسوق الولاءات السياسية لم يتوسط لجماعته وقبيلته وطائفته وعائلته… هل اللوم على هؤلاء النواب الذين وجدوا أنفسهم في مأزق طائفي وقبلي يقسم الدولة والوظيفة العامة ومعها الخيرات العامة، مثلما توزع المناقصات وعقود الشراء المباشر، حسب الانتماءات العائلية والقبلية والمذهبية دون أي اعتبار لعنصر الكفاءة والجدارة؟ أم هو اللوم على الوزراء “الشيوخ منهم بالدرجة الأولى” الذين شرعوا أبواب وزاراتهم ومؤسساتهم لكسب الشرعيات الشعبوية السقيمة…؟ من يلام هنا ومن يجب محاسبته إذا كنا نعرف أبجديات المسؤولية وإدارة المؤسسات وفق حكم القانون…؟
من نتذكر الآن، ومن طوته صفحات النسيان؟ أخبرنا وزير الصحة السابق المخضرم د. عبدالرحمن العوضي أنه مع وزراء آخرين كانوا يدفعون من جيوبهم الخاصة لشراء ود النواب، أو نتذكر قبل وقت قريب حفلات الإيداعات والتحويلات المليونية لنواب الأمة، وخلقوا لنا بالتالي مأثورات الدفاع القانونية الخالدة بشعار “من كبت امي” والتي انتهت “بفاشوش” سياسي، وتم طي صفحتها للأبد، أم نتذكر وزير التربية في زمن مضى وقد وضع على صدره وشاح الأكاديميين الباحثين، وقال في تصريح صحافي متفاخراً بأنه بجرة قلم وظف ستة آلاف موظف بوزارته…!
من المسؤول ومن الملام في كل تلك القضايا، وهي غيض من فيض في محيط دولة الحصافة التي تواجه حكومتها اليوم كارثة أسعار النفط، مثلما واجهت سلفها من حكومات بركات النفط… مع أنها كلها، في النهاية حكومة واحدة تبدل جلبابها كل مرة، ويظل الجسد المترهل على حاله… فأين نبدأ وأين ننتهي معكم، ديرة لايصة؟!