لا جديد في مذكرة غرفة التجارة عن الأزمة الاقتصادية، فالمذكرة تؤكد كلاماً قديماً ومكرراً في عجز السلطتين عن مواجهة الأزمة ومصارحة الشعب بالحالة الكسيفة للدولة، العناوين التي وردت في المذكرة، مثل هيكلة المالية وقصر الدعم على مستحقيه، وغياب النظام الضريبي، وهيمنة القطاع العام على الاقتصاد، والاستشهاد بالتجربة السنغافورية، وفشل النظام التعليمي بالدولة لأربعة عقود في خلق الإنسان المنتج، كلها أفكار كتبت وأعيدت كتابتها وتداولها مئات إن لم يكن آلاف المرات، لكن لا أحد يسمع ولا أحد يقرأ، ولا أحد يقلق على الغد فيما لو تدهور سعر برميل النفط، والغد أصبح حاضراً اليوم، ومع ذلك “الجماعة” في السلطتين على “حطة ايديكم”.
غرفة التجارة من أقدم المؤسسات “الخاصة” بالدولة، ولها سلطات كبيرة بالنسبة لممارسة العمل التجاري واحتكاره، ولها هيمنة سياسية على توزيع الكثير من المناصب المفصلية في هيئات ومؤسسات الدولة، وهي بذلك تعد جزءاً أصيلاً من “استابلشمنت” أي مؤسسة الحكم، وهي بحكم تمثيلها لمصالح الشرائح التجارية العليا تعد أيضاً امتداداً طبيعياً لحالة الريع الاقتصادي في الدولة، وهي إن كانت تحمل اسم “غرفة تجارة وصناعة الكويت” إلا أن كلمة صناعة تعد دخيلة على عملها، فلا توجد صناعة حقيقية بالدولة غير صناعة الاستهلاك وصناعة الوكالات التجارية، وحماية الوكيل المحلي، من المستهلك المحلي من ناحية، أو من ظهور منافس محلي من ناحية أخرى، وقد يقول البعض إن فاقد الشيء لا يعطيه، وما ينطبق على الحكومة أو المجلس التشريعي يمكن أن ينطبق على الغرفة، وهي وجهة نظر يجب الإنصات إليها.
برغم ذلك تقدم مذكرة الغرفة جهداً معقولاً لوضع تصور ما للخروج من الأزمة، لكن تبقى المشكلة الكارثية على حالها، فسلطة الحكم في مكانها تراوح، تخشى مواجهة الواقع، وبغير الشروع في إصلاح سياسي كبير وفي عمق مؤسسة الحكم، يظل الحديث عن الحل لواقعنا المر ضرباً من الخيال.