عندما تعم الفوضى في العقول وتتحول في المجتمع إلى ظاهرة قبيحة تمارس تحت شعارات متعصبة وعنصرية، هنا أتذكر قصص انهيار بعض المجتمعات القديمة التي خلطت الحق بالباطل نتيجة التعصب الأعمى وأخرى مصالح دنيوية فانية.
طبعا لا بد أن أشير للفوضى التي باتت تشكل خطرا حقيقيا في مجتمعنا والتي جاءت نتيجة صراعات سياسية ومجتمعية تتغنى بالتصنيفات بخطة «اللي تكسب به العب به» والتي جاءت من أجل المصالح الشخصية والتي يتفنن البعض فيها في حمل عناوين مزيفة باسم الوطنية.
الفوضى التي أراها في المجتمع خطرها يكمن في جمهورها الذي يعتبر ممارسته لها حقا مشروعا على اعتبار انه مواطن له حقوق، وللأسف الكثيرون منهم يتناسون أو يتجاهلون أن عليهم أيضا حقوقا للبلد كما ان لهم حقوقا.
الآن أود ان أذكركم بالفوضى التي قد تحرق المجتمع والسبب ممارسات تحتضنها حالات التعصب والجهل وعديمي الولاء ربع «أحلب البقرة» فلو بدأنا من انتخابات مجلس الأمة والبلدي والنقابات والأندية والجامعات والجمعيات التعاونية وغيرها، لم نجد إلا ساحة تحدي من التعصب القبلي والطائفي والفئوي، ومعظم الجماهير أي«الناخبين» يهتفون دعما وتعصبا للأسماء فحسب، من دون النظر للمصلحة العامة، وذلك حسب ابن القبيلة وابن الطائفة وتصنيفاتهم في الفروع ناهيك عن ماركة «هذا ولدنا» في هذه الوقت بالذات تجدهم مخدرين لا يتذكرون شيئا عن حاجاتهم بسبب التعصب الأعمى!
والنتيجة ماذا؟! نجد المصالح الشخصية تحلق في سماء المخرجات، بالتالي يعود المجتمع لحالته الأولى بعد الإفاقة من البنج يتحلطم من جديد ويتباكى على حال البلد ويقارنه بدول الجوار ويتذكر النقص في الخدمات والنقص في الحقوق!
ولم تنته القصة مع نهاية الانتخابات بل تتجدد فعالياتها مع الوضع الإقليمي في المنطقة، فرغم أننا بلد صغير يحتاج منا الى أن نحافظ عليه بوحدتنا ولا نتدخل في شؤون غيرنا، إلا أن بعض مرضى الطائفية واتباعهم من كل الأطراف يسعون جاهدين إلى حرق البلد بالشحن الطائفي بين السنة والشيعة بكل نذالة وخسة من دون مراعاة لحالة البلد التي تحتمل تلك الممارسات القبيحة، وأصبح ديدنهم التخوين لفئات المجتمع نتيجة الأحقاد التي يحملونها في قلوبهم المريضة.
ولم تنته الفوضى هنا من البعض فحسب ولكنها تمتد إلى أكثر من ذلك عندما يصبح معظم المجتمع خبيرا في كل شيء، في السياسة والاقتصاد والأحكام القضائية والطائرات والصواريخ والخطط العسكرية، وتأييد الحروب في مكان ورفضها في مكان آخر، وفي موقع يعتبر ضحايا الحرب شهداء وفي مكان آخر يراهم في جهنم، البعض حتى دور رب العالمين بشأن الجنة والنار والحساب والمغفرة تدخلوا فيه، والبعض منهم ينادي بالعداء والكراهية في كل يوم ليلا ونهارا في وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تفتيت المجتمع، فأي نوع من البشر أنتم؟!
في النهاية.. لا بد ان تتحملوا النقد ليصلح الحال ونحفظ بلدنا، والله سبحانه قال: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. فإن صلح المجتمع سيصلح الحال وإن فسد فسينتهي الحال بفوضى تحرق الكل.