يظهر أن الإدارة السياسية تفكر بمنهجية تحليل جحا الذي راهن الملك على أنه سيجعل حماره يتكلم خلال سنة، وحين سألوه كيف يمكن ذلك، قال خلال السنة إما أنا أو الملك أو الحمار سنموت، تقرير البنك الدولي “نشرت القبس ترجمة له” يتحدث بصراحة بأن دول الخليج (مع اختلاف أوضاع كل منها) ستنضب احتياطياتها النقدية خلال السنوات الخمس القادمة، وهذه المدة ستقصر لسنتين بالنسبة لبعضها، إذا استمرت دولنا في معدل إنفاقها أو “هدرها”، وظلت أسعار النفط بحدود 40 دولاراً!
ماذا فعلت تلك الدول؟ ولنتحدث عن الكويت حتى نتحاشى رعب قوانين الجزاء والمطبوعات والمدونات بتهمة الإساءة إلى دول صديقة… حتى الآن لم تقدم الكويت رؤية متكاملة لمواجهة القادم الكارثي، فغير إشارات مبعثرة هنا وهناك تجس نبض الشارع، مثل مقولات تعد برفع الدعم عن المحروقات تلقيها السلطة بتردد كبير، أو حث القطاع الخاص على استيعاب العمالة الوطنية، وكأن لدينا قطاعاً خاصاً حقيقياً وليس ملحقاً طفيلياً تابعاً للدولة وإنفاقها، أو كأن لدينا عمالة بمهارات فنية منتجة وليس آلاف الكتبة والإداريين.
وهناك أيضاً أحاديث الأحلام عن تطوير الجزر واستثمارها، وكأنهم سينافسون أو سيقتدون بدبي… مع أن تجاربنا السابقة تخبرنا أنه ستشكل لجنة للدراسة، ويخصص لأعضائها الذين سيتم انتقاء أصحابها من المعارف والمحاسيب وتحدد لها مكآفات مالية عالية… وتدرج دراستها في درج منسي من أدراج حكومة اللجان.
غير ما سبق لم تقدم السلطة شيئاً يمكن أن يطمئن الناس للقادم، فهي على طمام المرحوم، وكأنها تنتظر معجزة قادمة ترفع سعر النفط، وتخلصها من عذاب الحيرة والتردد، وهي تفكر الآن بطريقة جحا الذي سيجعل الحمار يتكلم خلال الخمس سنوات القادمة، والتي ستنفق بها كل مدخرات الدولة لسد العجوزات وبعدها “خل القرعة ترعى”… ومن الأمثال الشعبية هناك مثل يقول “إذا حلقوا لجارك لحيته بلل لحيتك”… ومع أن الجيران التي تعتمد دولهم على بضاعة النفط مثل فنزويلا تمت حلاقة لحيتهم، ووصل الموس إلى عنق الدولة، وهناك غيرها من الجيران النفطيين التي تعاني الآن سكرات الموت من تدهور اقتصادها لا ننظر إلى حالهم… ليت السلطة هنا تتعلم وتبلل لحيتها قبل أن ينزل الموس على رقابنا.