تعتبر قضية الفساد الكبرى الأخيرة، المتهم بها أحد كبار قياديي الدولة السابقين، والمتهم هنا بريء حتى تثبت إدانته، والتي تتعلق بسرقة مئات ملايين الدولارات، فرصة مناسبة للحكومة لتحسين صورتها أمام الرأي العام، ووضع الخطوات «الخجولة» الأولى للقضاء على الفساد الإداري، أو على الأقل التقليل من استشرائه، والإسراع في بدء جهاز مكافحة الفساد بوظيفته.
وهنا لا نريد من الحكومة، أو هذا الجهاز فتح ملفات كل السرقات المليارية السابقة، وملاحقة المتهمين فيها، بل سنكتفي بمطالبتهما بالحد الأدنى من الجدية، وعدم قيامهما بعرقلة القضية، واستمرارها في دعم جهود ملاحقة المتهم وكشف حساباته.
كما يمكن للحكومة، من خلال هذه القضية الحساسة والمهمة، إرساء مبادئ عامة جليلة، من خلال جهاز مكافحة الفساد، يمكن الاقتداء بها مستقبلا، وهنا نفترض حسن نية الطرفين. فالجهة التي سعت، طوال سنوات، وبجهودها الفردية، من دون دعم من أحد، حسب علمنا، بالتبليغ عن هذه القضية الخطرة لدى مكتب النائب العام، وكشف ملابساتها وتوفير كل المعلومات المطلوبة عن العمولات المليونية التي يُعتقد أن المتهم حصل عليها، خاطر بالكثير، فشهادته الخطية يمكن أن تحسب عليه إن ثبت عدم صحة ما ادعاه. كما أنه من خلال قيامه بالتبليغ عن قضية كبيرة وخطرة، عرض نفسه وأسرته وسمعته للخطر. فمبالغ القضية ضخمة والتهمة خطرة، وأي انتقام من المتضرر وارد هنا، وحادثتا الاعتداء التي تعرض لها النائبان السابقان حمد الجوعان، وعبدالله النيباري لا تزالان ماثلتين أمام العيان. وبالتالي من المهم توفير الحماية لأي مبلِّغ مستقبلا، مع تضمين اللائحة الداخلية لجهاز مكافحة الفساد نظام مكافأة المبلِّغ عن حالات فساد، في أي جهة حكومية أو شركة عامة، من خلال منحه نسبة مئوية، مما يتم استرداده من مال مختلس، أو إثراء غير قانوني. وهذا النظام المتبع في جميع الدول المتحضرة، يسمى بـ«مطلقي صفارة التحذير» أو whistle blowers ولا يهدف هذا النظام لتشجيع التبليغ عن السرقات فقط، بل وأيضا الكشف المبكر، من خلال إطلاق صفارة التحذير، عن أي إجراءات تعسفية، غير قانونية او ضارة بالمستهلك، تقوم بها الجهات التي تدير المرافق العامة، كالاتصالات أو الماء والكهرباء مثلا، بحيث يصعب خداع الجمهور بحقيقة كلفة أي خدمة. كما يتطلب الأمر توفير الحماية الأمنية اللازمة لأي مبلغ.
• ملاحظة:
نرفع القبعة التي تقي رأسنا من برودة الطقس، احتراما لجهود الاستاذ فهد الراشد.