أثبتت جريمة الاعتداء الرهيبة على مجلة «شارلي إيبدو»- التي ذهب ضحيتها ثمانية صحافيين وشرطيان إضافة الى «شهداء» آخرين، حسب تعبير الزميل عبداللطيف الدعيج- صحة ما كنا نحذر منه لسنوات عن خطورة تمدد التطرف الديني في أوروبا على العرب والمسلمين فيها بالذات. وهذا التطرف، كان ولا يزال، يغذى أساسا من تنظيمات دولية وعلى رأسها «الإخوان المسلمين»، الأكثر تنظيما وتغلغلا في المجتمعات الأوروبية، والأكثر مالا من غيرهم. وتصرفات هذه القلة ستؤدي في النهاية الى انقلاب الدول الأوروبية كافة واستراليا واميركا على المسلمين، لتقوم الحرب التي يسعى مجانيننا لإشعالها منذ فترة.
إن خطر بعض المسلمين الذين يعيشون في الدول الغربية، وخصوصا المنتمين منهم لأحزاب راديكالية دينية كالإخوان المسلمين، على الحضارة الغربية ومنجزاتها العلمية وعلى وضع حقوق الإنسان فيها، أمر لا يمكن تجاهله. كما أن خطرهم يمتد ليشمل حتى غير المسيسين منهم، وهم الغالبية. فحلم هداية الشعوب الغربية للإسلام، طالما راود أذهان المتعصبين، فكما نجحت الفتوحات في فارس والشام ومصر واسبانيا وأطراف أوروبا قبل أكثر من ألف عام، فلا شيء يمنع تكرار نجاحها في أوروبا وغيرها. وعلى الرغم من صعوبة تصور ثورة الغرب على المسلمين، فان بعض المفكرين الغربيين يرون الأمر جديا، على ضوء التزايد المستمر في أعداد المواليد بين المهاجرين، والمسلمين منهم بالذات، مقابل انخفاض أعدادهم بين الأوروبيين، هذا بخلاف التزايد في أعداد المهاجرين، الهاربين من الاضطهاد، الى أوروبا، وما يشكلونه وسيشكلونه تاليا من خطر على الثقافة الأوروبية واسلوب حياتهم، وحتى حياتهم نفسها. ويعتبر السياسي والمفكر الأميركي باتريك بوكانن أفضل من كتب في هذا المجال، حيث حذر من ان خطر موت الغرب ماثل في الأفق لسببين، أخلاقي وديموغرافي. الأول يتعلق بالقيم التربوية والأسرية والأخلاقية التقليدية الجديدة التي أصبحت سائدة في الدول الغربية، والثاني يتعلق بالانخفاض الكبير في أعداد المواليد بين الغربيين، وارتفاع نسبة الشيخوخة بينهم. وإذا استمر هذا فإن أعداد الأوروبيين ستتقلص كثيرا مع نهاية هذا القرن، وبالتالي سيجدون أنهم مجبرون على القيام بثورة ما!
وحيث ان الأقليات المسلمة في الغرب هي الأكثر توالدا والأكثر تطرفا في مواقفها ومطالبها فستكون حتما الأكثر تضررا في حال قيام تلك الثورة! فوضع المسلمين فيها مثير للقلق، إن بسبب تطرفهم وأعدادهم أو رفضهم، مقارنة بغيرهم، الانصهار في مجتمعاتهم الجديدة. كما أنهم يشكلون، أكثر من غيرهم، مصدر إرهاب حقيقي، بسبب تغلغل الحركات الدينية المتطرفة في صفوفهم. فهل من متعظ؟.