يزور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي البلاد زيارة تستمر يومين، وهي زيارة حظيت بمستوى غير معهود من الاهتمام الإعلامي سواء في الكويت أو مصر.
والواقع أن العلاقات التي تجمع مصر بالكويت قوية ووطيدة وممتدة منذ سنوات طويلة.. وتحديداً.. منذ وصول البعثة التعليمية المصرية الى الكويت في الأربعينيات، وتمكنت هذه العلاقة المتميزة من تخطي كل «المطبات» والإشكالات التي تواجه الأشقاء.
مصر.. أو لنقل ما أصاب مصر ما بين الثورة المصرية الأولى والثورة المصرية الثانية آذى بعض مصالحها كثيراً، ولعل أسوأ ما أصابها هروب رأس المال الأجنبي بعد شعوره بعدم الاستقرار الأمني من جهة، وشعوره بالاستهداف من السلطات الجديدة التي تريد استرضاء المواطن (الغلبان) بضرب الرموز الاستثمارية وتصويرها وكأنها كلها أصنام الفساد في مصر. الأمر الذي كبّد المستثمرين الأجانب خسائر كبيرة جداً وأوقع الكثيرين منهم في ظلم غير مبرر.
والواقع أن مصر واحة عربية رائعة للاستثمار، فيها الأراضي والمياه والطقس والطاقات البشرية والقوة الشرائية والموقع الجغرافي وقناة السويس والبحر الأبيض والبحر الأحمر ونهر النيل فضلاً عن ثرواتها الطبيعية والزراعية، ولو أتيحت الفرص فيها وسهلت الإجراءات للمستثمرين الأجانب بعيداً عن الفساد وبعيداً عن تقلب التشريعات الذي يفقدهم الاستقرار فمن الممكن أن تكون مركزاً اقتصادياً عالمياً وليس فقط عربياً.
ولكن لأن رأس المال (جبان) لن يأتي المستثمر بأمواله ويغامر بجزء كبير من رأسماله وربما يقترض الكثير من الأموال لإنشاء مشروعه إلا في ظل استقرار تشريعي وأمان قانوني وضمانات ضد التقلب في التعامل معه مع تقلب الأحوال السياسية، فالعقود التي تبرم في مصر لا يجب أن تكون معرضة للطعون والفسخ والتيه في دهاليز البحث القانوني، والعقود التي تبرم في مصر لا يجب أن تكون معرضة للابتزاز من فاسدين يجبرون المستثمرين على مسايرتهم؛ ومن ثم يصبح المستثمر نفسه متهماً بالفساد الذي أجبر عليه معرضاً للطرد والإيقاف مع أي موجة تصحيحية.
ليس كل التجار لصوصاً، فالتجار فيهم الشرفاء وفيهم فاعلو الخير وفيهم بناة الأوطان، وهم يستحقون على الأقل الشعور بالأمان والاستقرار ليتمكنوا من لعق جراحهم عن الفترة الماضية والعودة بقوة الى العمل في مصر الحبيبة.