خطاب الرئيس الإيراني د.حسن روحاني المتلفز الأخير الذي ذكر فيه أن التعامل الديبلوماسي البنّاء هو السياسة المناسبة لحل أكثر ملفات المنطقة تعقيدا، وأن بلاده جاهزة لفتح حوار مع الآخرين حول ما يصب في صالح حل المشاكل الإقليمية (بدلا بالطبع من النهج القائم على إنشاء الميليشيات وتزويدها بالأسلحة والأموال التي تنتهي بمآسي القتل والتدمير والمجاعات)، وما يحدث في سورية والعراق واليمن ما هو إلا مثال حي على ذلك.
***
والمبادرة الإيرانية تحتاج إلى تعامل إيجابي خليجي معها كي يمكن فحص مقدار التزام إيران و«قياداتها المختلفة» بسياسة حل المشاكل بالطرق الديبلوماسية التي أعلن عنها الرئيس الإيراني، ولدحض ما يقال دائما من أن هناك سياسة إيرانية واحدة برأسين، إصلاحي ومحافظ، يتم من خلالهما تبادل الأدوار لينتهيا بخدمة الأهداف نفسها.
***
وهناك أساسيات وثوابت وركائز لابد منها لبدء الحوار الديبلوماسي الإيراني المثمر مع دول الجوار وضمان نجاحه، وأول تلك المبادئ التوقف عن محاولة فصل السعودية عن بقية دول الخليج كونها سياسة غير ناجحة، والأفضل منها فتح حوار مع دول مجلس التعاون الست، ويكون صلبها عدم تدخل الدول بشؤون الدول الأخرى واحترام المواثيق والتشريعات الدولية التي تنص على ذلك، ودون تلك الثوابت التي تظهر حسن النوايا تكون مبادرة الرئيس روحاني قد قتلت قبل أن تبدأ.
***
والحقيقة التي تعلمها شعوب ضفتي الخليج أنه لا إشكال أو عداء حقيقيا بين السنة والشيعة، كما يشاع، أو بين الفرس والعرب، فالتعايش قائم منذ قرون دون مشاكل، والإشكال الحقيقي كان ومازال في السياسات العدائية لبعض الأطراف المتشددة في القيادة الإيرانية، والتي تبيح لنفسها حق التدخل في شؤون الدول الأخرى كحال ما يحدث في دول الخليج والعراق وسورية واليمن ولبنان وفلسطين، ولو تخلت إيران عن تلك السياسة لحلّ السلام في اليوم التالي في جميع دول المنطقة، ولسعدت شعوب المنطقة ومن ضمنها الشعب الإيراني بثرواتهم، ولتوقف تبديدها على الميليشيات والأسلحة وعمليات القتل والتدمير والتهجير.
***
آخر محطة:
(1) دول المنطقة أمام مفترق طرق، فإما استمرار مسار العداء والتدخل وخلق الميليشيات وتأجيج عمليات التخندق الطائفي والعرقي الذي يسمح بالتبعية بتفشي الإرهاب، أو بالمقابل بدء عملية سلام شاملة كالتي قامت بين الدول الأوروبية بعد عام 1945 لتبدأ عمليات التنمية والبناء والثراء للشعوب!
(2) لإيران دلالة أكيدة على كثير من الجماعات المسلحة في العراق ولبنان، وقد تكون أفضل بوادر حسن النوايا استخدام تلك الدلالة وذلك النفوذ لإطلاق سراح القطريين الأبرياء في العراق والكويتي المخطوف في لبنان.
(3) ما يثبت أن الصراع ليس «سنيا ـ شيعيا» ولا «فارسيا ـ عربيا» حقيقة أن بعض الإيرانيين كحال حركة مجاهدي خلق يصطفون مع الدول العربية ضد إيران، كما أن بعض العرب كحال منضوي حركة حماس وحزب الله يصطفون مع إيران ضد أعدائها.