تحدثنا كثيراً في هذه الزاوية عن ايران، وعن السياسة العدوانية التي تنتهجها، وكان آخرها التصعيد المتعمّد مع المملكة العربية السعودية، باقتحام سفارتها وحرقها من قبل بعض الأجهزة الرسمية فيها كما علمنا ! هذا التصعيد جعل الأشقاء في السعودية يمارسون الحزم مع هذا الجار المتمرّد على حقوق الجيرة منذ وقت طويل، فوصل الامر الى قطع العلاقات الدبلوماسية! وحتى يكون لهذا الاجراء أثر، مارست المملكة ضغوطاً على الدول الشقيقة والصديقة لعزل إيران إقليمياً، في محاولة لتوصيل رسالة غضب الى المفكر الفارسي في طهران، وأيضاً الى حلفائه الجدد في واشنطن!
نحن في الكويت نشعر بالحرج الشديد أمام هذا الوضع، فالمملكة دولة شقيقة وجارة، ولها معنا تاريخ مليء بالتضحيات من أجلنا، وعدم التجاوب مع سياستها الجديدة والعنيفة مع إيران سيضاف الى قائمة العتب، التي تكاد تمتلئ من مواقف سابقة، ما زال بعض الاعلاميين السعوديين يذكروننا بها بين الحين والآخر! لكن إيران أيضاً لها وضع خاص معنا، فهي تعلم ان البعض من الشعب يحفظ لها من الولاء والتعاطف والتأييد ما قد يهدد الأمن والاستقرار الداخلي، وسيطرتها على جنوب العراق يجعل الوضع أشد خطورة، وتدفق موجات الخلايا التجسسية الايرانية على السواحل الكويتية لم يتوقف، والتهديد باحتلال المزيد من العواصم العربية أصبح لغة مألوفة في الاعلام الايراني، لذلك نجد السياسة الكويتية حذرة جداً مع الطلب السعودي الأخير!
أنا أعتقد انه آن الأوان كي تضع الكويت حداً لهذه السياسة الرمادية مع ايران، فالشعور بالضعف أمامها سيجعلها تطمع فينا أكثر، وسيجعل من بعض أتباعها يتجرأ أكثر وأكثر، وها نحن نشاهد ونسمع مطالبات هذا البعض، التي بدأت دائرتها تتسع ولن تتوقف عند حدّ معين، وسيستمر التهديد الفارسي للكويت، وها نحن نشاهد ثمرات هذا التهديد في السنوات الخمس الاخيرة محلياً واقليمياً!
الخطوة المطلوبة اليوم هي الاحتماء برباط الاشقاء في الخليج العربي، فهم الامتداد الطبيعي والتاريخي والثقافي لنا، وها هي الشقيقة السعودية بدأت تمارس سياسة جديدة في تعاملها مع الاحداث، تعطي لدول الخليج هيبة وقيمة معتبرتين، فنحن في زمان لا مكان فيه للضعيف مع الاسف، بل القوة والقوة فقط، فبعد أحداث الربيع العربي والثورة المضادة للشعوب العربية، ودعم العالم الغربي لهذه الثورات المضادة، ثبت ان البقاء للاقوى، وان تقارير منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الانسان، مثل المطوطي في جليب! لذلك علينا الاحتماء بالملاذ الآمن، الذي لن نجده إلا عند الأشقاء! لأن إيران، التي هدمت بالأمس آخر المساجد في طهران، لن تهدأ باعتقادي ما لم ترك مواطناً إيرانياً في إحدى محافظاتها!