«لأنصرنك ولو بعد حين»..
الشكر والامتنان لله الرحمن صاحب الوعد الحق بإنصاف المظلومين، ولقضائنا الكويتي الشامخ العادل والمستقل، ولمكتبي المحاميين الوطنيين الكبيرين بسام العسعوسي والحميدي السبيعي على جهدهما المميز في نصرة الحق، وللشعب الكويتي قاطبة على تعاطفهم وتواصلهم معنا بعد صدور حكم محكمة الاستئناف الموقرة القاضي بإلغاء قرار إبعادنا وعودتنا رئيسا وعضوا منتدبا للخطوط الجوية الكويتية، فلله الحمد والمنّة من قبل ومن بعد، ولا يصح إلا الصحيح.
***
انتهيت هذه الأيام من قراءة المحاضر الكاملة لإحدى أهم محاكمات القرن العشرين ونعني محاكمات المهداوي وخرجت من تلك القراءة بانطباعات أرى أنها قد «تنور» الرأي العام العربي والباحثين بشأن تلك المحاكمات. وفي البدء، تلك المحاكمات ومسماها أتيا من المحاكمات الثورية المصرية التي أنشئت عامي 53 و54 لمحاكمة رجال العهد الملكي وقيادات الإخوان المسلمين ولم تراع معايير العدالة المعتادة، لذا فمحاكمات المهداوي وأسلوبه ونهجه لم تكن اختراعا عراقيا صرفا، بل نسخة طبق الأصل مما سبقه.
***
ومحاكمات المهداوي على أخطائها كانت للعلم آخر محاكمات علنية في العهود الثورية اللاحقة بالعراق وفي المنطقة، حيث أتى بعدها عهد المحاكم العسكرية الثورية السرية والذي شمل أحواض الأحماض التي تذيب المتهمين فلا يبقى منهم شيء ولا فرق إن كانوا أبرياء أو مذنبين. وقد بدأ المهداوي بمحاكمة ساسة وقادة الجيش وإعلاميي العهد الملكي العراقي بتهم الإساءة الى مصر وللرئيس عبدالناصر والتدخل في الشأن السوري، ثم انقلب الحال بعد محاولة انقلاب الشواف ربيع 59 الى الاساءة في كل جلسة لعبدالناصر الذي كانت تعتبر الاساءة إليه تهمة قبل ذلك..
***
والجانب الخطير في تلك المحاكمات وغير المسبوق، والذي يصلح لمحاولة قراءة المشهد السياسي بالمنطقة هذه الايام، هو كشفه كيفية استغلال المال الوافر لشراء ذمم كبار الساسة والعسكريين في الدول الأخرى للقيام بالانقلاب ونشر الاضطراب (محاكمات التآمر على سورية) وكيفية قيام مسؤولي الدول المؤثرة في العالم بالمشاركة سرا في تلك الانقلابات عبر تزويد الانقلابيين بالأسلحة والمعدات والأموال والسماح للانقلابيين بادعاء الطهارة وشتم.. من أوصلهم!
***
آخر محطة: ما حدث ابان هوجة الانقلابات في الخمسينيات والستينيات يتطابق تطابق الحافر بالحافر بما حدث ابان الثورات الشعبية الملونة بدايات هذا القرن، والتي امتدت من صربيا وأوكرانيا في أوروبا إلى محيطنا العربي.
وأمجاد يا عرب أمجاد.. من انقلابات مدفوعة الى ثورات مأجورة وكله باسم الشعوب التي تجري خلف من يدغدغ آذانها.